Tuesday 15/07/2014 Issue 15265 الثلاثاء 17 رمضان 1435 العدد
15-07-2014

ريادة وطن أجَلَّ العلمَ وأهلَهُ

يعتقد البعض أن برنامج الابتعاث بالمملكة قد بدأ في الأربعينات من القرن الماضي، والحقيقة أن الملك عبد العزيز طيب الله ثراه قد بدأه قبل ذلك بعقدين من الزمن. والشاهد أن الجد الشيخ رشيد بن ناصر الليلي يرحمه الله كان قد أرسل أبناءه في نهاية العشرينات من القرن الماضي إلى سويسرا لتلقي تعليمهم في أرقى الجامعات الأوروبية، وبعد حصولهم على الشهادة الجامعية، كتب لجلالة الملك عبد العزيز ليكملوا دراساتهم العليا على حساب الدولة، وقد تخرج العم عبدالله من جامعة لوزان بسويسرا وكان يتقن سبع لغات، حيث تقلد عدة أعمال في الدولة كان آخرها مساعداً لمندوب المملكة الدائم في الأمم المتحدة بنيويورك. والعم محمد الذي تخرج بشهادة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى من نفس الجامعة في العام 1356هـ -1937م، وعمل بعد تخرجه فترة بالديوان الملكي في كنف الملك عبد العزيز يرحمه الله، ثم انتقل للعمل ممثلاً للحكومة في شركة أرامكو قبل أن يباشر عمله في الخارجية السعودية حين ساهم لإجادته أربع لغات وتخصصه وتأهيله الأكاديمي في التمهيد للبعثات الدبلوماسية السعودية في العديد من البلدان الأوروبية وأفريقيا وآسيا حتى تقاعد بعدها بمرتبة سفير بوزارة الخارجية.

والشاهد على ذلك أنه من شدة اهتمام الأوائل بالتعليم أن الجد الشيخ رشيد بن ناصر الليلي يرحمه الله قد حرص على تعليم أبنائه في أرقى المدارس بالأستانة وأرسلهم في نهاية العشرينات من القرن الماضي إلى سويسرا لتلقي تعليمهم الجامعي في أرقى الجامعات الأوروبية، والجد رشيد المولود عام 1282هـ (1865م).. كان يرحمه الله «حافظاً للقرآن الكريم وأنه قد حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب في شهر واحد فقط.. كما كان يحفظ 300 حديث من صحيح البخاري، إلى جانب أنه كان يقرض الشعر الفصيح ويجيد اللغة التركية تحدثاً وكتابة كما كان يجيدها شعراً».

وبعد حصول أبنائه على الشهادة الجامعية ، كتب لجلالة الملك عبد العزيز ليكملوا دراساتهم العليا على حساب الدولة، وقد تخرج العم عبدالله من جامعة لوزان بسويسرا وكان يتقن سبع لغات، حيث تقلد عدة أعمال في الدولة كان آخرها مساعداً لمندوب المملكة الدائم في الأمم المتحدة بنيويورك، والعم محمد الذي تخرج بشهادة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى من نفس الجامعة في العام 1356هـ /1937م، وعاد بعد تخرجه لخدمة وطنه ودينه، فعمل فترة بالديوان الملكي في كنف الباني المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، ومن ثم انتقل للعمل ممثلاً للحكومة في شركة أرامكو قبل أن يباشر عمله في الخارجية السعودية حين ساهم لإجادته أربع لغات وتخصصه وتأهيله الأكاديمي في التمهيد للبعثات الدبلوماسية السعودية في العديد من البلدان الأوروبية وأفريقيا وآسيا حتى تقاعد بعدها بمرتبة سفير بوزارة الخارجية.

والعم عبد الله الرشيد الناصر قد سبق العم محمد في بداية الثلاثينات للدراسة في نفس الجامعة بسويسرا وحقيقة لا تتوفر لدي المعلومة إن كان قد حصل من جامعة لوزان على درجة الدكتوراه قبل العم محمد.

وقد ذكر الدكتور سعيد السريحي أن أول من حصل على درجة الدكتوراه في المملكة هو العم محمد الرشيد الناصر عام 1356هـ في العلوم السياسية من جامعة لوزان ورسالته للدكتوراه كانت بعنوان (التاريخ السياسي للعرب)، وهو ما أشار إليه الأستاذ عبدالكريم الجهيمان بجريدة القصيم في العدد (58) الصادر في 30 رجب 1380هـ ، مستشهداً في ذلك بما نشرته جريدة (صوت الحجاز) في عددها (528) الصادر يوم الأحد 2 ذي القعدة 1359هـ، الموافق 2 ديسمبر 1940م، تقول في الصفحة الثالثة «نجاح طالب سعودي، نشرت جريدة الأهرام الغراء في عددها الصادر بتاريخ 28 رمضان سنة 59، لمراسلها الخاص في جنيف هذه الكلمة، « اجتاز السيد محمد الرشيد، نجل رشيد باشا قنصل المملكة العربية السعودية العام في دمشق، امتحان الدكتوراه في العلوم السياسية والاجتماعية بنجاح باهر في جامعة لوزان، وقد درس السيد محمد في لوزان على نفقة جلالة الملك ابن السعود، وهو أول سعودي حصل على دكتوراه العلوم السياسية، أما رسالته التي تقدم بها فهي ـ تاريخ العرب الدبلوماسي ـ» وهو ما ذكره الأستاذ محمد بن عبدالرزاق القشعمي في مقال نشرته جريدة عكاظ الأسبوعية في عددها رقم 2812 الصادر بتاريخ 02 /03 /1430هـ الموافق 27/ 2 /2009م.

ومن مزايا الملك عبدالعزيز التي لا يشاركه فيها إلا القلة هي اصطناعه للرجال كما يذكر الأستاذ عبدالرحمن بن سليمان الرويشد في كتابه (عبدالله السليمان الحمدان صفحة مشرقة في تاريخ المملكة العربية السعودية) ط1، 1421هـ ص237 ، فالملك عبدالعزيز ببعد نظره وحكمته يعرف أن الاخلاص طبع وليس تطبعاً، وهو غريزة قلما يتجرد منها صاحبها، عندما تمكن من توحيد المملكة انتفع بعدد من رموز ورجال خصومه, ومن هؤلاء ـ كما ذكر الأستاذ عبد الرحمن الرويشد ـ الجد ـ (رشيد الناصر بن ليلى) الذي كان وكيلاً لابن رشيد ووسيطه مع الأتراك العثمانيين وكان يتسلم من الأتراك السلاح والعتاد والمال، ويبعث لابن رشيد بها لتساعده في حربه ضد الملك عبدالعزيز، وعندما تمكن منه الملك عبدالعزيز بعد القضاء على ابن رشيد قال له الملك عبدالعزيز: بماذا أعاقبك؟ فقال له الشيخ رشيد بوضوح وصراحة: بما تهوى، وما أنا بنادم على ما فعلت مع ابن رشيد ، قال له عبدالعزيز: لقد أخلصت في خدمة صاحبك، وقد زال صاحبك، وإني لأرى فيك غريزة الإخلاص، فعد إلى دمشق وأنت وكيلي هناك، فكان ممثلاً لعبدالعزيز في سورية حيث استمر في هذا العمل حتى وفاته بدمشق في 27 /3 /1362هـ « 1943م».

وكما ذكرت جريدة الرياض في عددها المشار إليه أعلاه، كان الجد الشيخ رشيد في أول عمره متديناً شديداً في ذلك ثم انصرف إلى العمل السياسي فصار محنكاً سياسياً وذا مكانة مرموقة وأصبح معتمداً للملك عبدالعزيز لدى تركيا وسوريا ولبنان قبل استقلالهما، وفي العشرينات من عمره منح لقب الباشا من السلطان عبدالحميد الثاني سلطان الدولة العثمانية آنذاك، وفي عام 1349هـ عينه الملك عبد العزيز عضواً في مجلس الشورى وكانت له رحمه الله علاقات قوية مع معظم زعماء تلك الفترة من الملوك والأمراء العرب والأتراك والألمان والفرنسيين حيث فاوضهم بطلب من الملك عبدالعزيز رحمه الله لإطلاق سراح المرحوم المناضل فؤاد حمزة عندما حكم عليه المستعمر الفرنسي في بلاد الشام بالإعدام.

ومن بعد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ، سار على نهجه في الاهتمام بالعلم والعلماء أبناؤه البررة وشعارهم هو شعار الباني المؤسس:

لسنا وإن أحسابنا كرمت

يوماً على الأحساب نتكل

وأصبحت المملكة في مقدمة الدول في حجم إنفاقها على التعليم بمختلف مراحله، وهو الانفاق الذي توج هذا العام بمشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام في المملكة مدته 5 سنوات بتكلفة إجمالية 80 مليار ريال. وسبقه في العام 1426هـ برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي بتكلفة قدرها سبعة مليارات ريال، وتفضل يحفظه الله بالموافقة على تمديده خمس سنوات أخرى اعتباراً من العام الهجري 1431هـ ، حيث زاد عدد المبتعثين في هذا البرنامج على 150 ألف مبتعث واستطاع هذا البرنامج الرائد أن يرفد القطاعين العام والخاص بعشرات الآلاف من الكفاءات الوطنية المؤهلة القادرة على المشاركة بمساهمة نوعية في التنمية المستدامة.

لقد جاءتني فكرة هذا المقال بالصدفة حين طالعت ما كتبه الدكتور علي عبدالله موسى في جريدة الوطن بتاريخ 3 فبراير 2014م تحت عنوان « السعودية عام 2020.. كلها دكاترة «يطلب فيه إيقاف معظم برامج الدكتوراه في جامعاتنا قبل فوات الأوان، لأن تلك الشهادات ـ كما يقول ـ سوف تكون غير ملائمة لا للعمل ولا لمن يحملها، وسوف يكون بعض حملتها أساتذة في تلك الكليات والأقسام وبضعفهم الحالي ستضعف المخرجات ، ويطلب من وزارة التعليم العالي والجامعات وضع معايير قاسية لفتح برامج الدكتوراه.

فذكرتني بأول مبتعثين للباني المؤسس لجامعة لوزان بسويسرا وأول شهادة دكتوراه للعم محمد، فحمدت الله جل شأنه على ما أنعم به على بلادنا من خيرات وأمن وأمان وقيادة حكيمة تسهر على رفعة الوطن والمواطن تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولا أقول غير دام عزك يا وطن.

مقالات أخرى للكاتب