Wednesday 16/07/2014 Issue 15266 الاربعاء 18 رمضان 1435 العدد
16-07-2014

زيف..!

قد قلت يوماً يبقى الوهم لذة ناقصة.. وإن فرش لأحلامنا وسائد الحرير.. فدونها الجحيم رغم إحساس الرفاهية.. يبقى بينه وبين التحقق حاجز منيع.. نراه وننطلق إليه بخطى بطيئة.. نماطل الحقيقية لنؤخر ألم الاصطدام.. ونتحاشى تخيل فوضى تكسر قلوبنا.

فكم مرة كنت ضيفاً لمائدة الوهم تقتات على وليمة تعلم يقيناً أنها لن تسد رمق تطلعاتك؟.. وبكل قدراتك في تزييف الواقع تتجاهل صراخ الحقائق خلف ظهرك ومن حولك.. تحذرك وتشد أطراف عقلك علّك تفيق..!

لكنك لا تريد أن تفيق.. لأنه في حضرة الحب يتوقف الإيمان بالحظ.. وأن الفرصة المتاحة واحدة لن تتكرر.. ولأن انتظار الغائبين عجز النسيان أمام عناد الذاكرة وتمردها.. لحظة تعيد شريط الذكريات مرات ومرات.. بنفس اللذة الأولى لكن مع الكثير من الألم.

لا تريد أن تصحو من غفوة المثل الأعلى.. تنتظرك عند الصحوة حقيقة أنه إنسان.. لا يسعك أن تأخذ كل ما لديه على محمل الحق المطلق أو الباطل التام.. ستجد فيه خليط منهما صادم ويسمى التناقض.. وعلى عاتقك مهمة التمييز واعتباره بشرا.. وليس ملاكا أو نبيا.

لا تريد أن تفيق من سكرة نكران الجميل التي اخترتها سبباً وحيداً للجحود الذي صفعك على حين عطاء ووفاء.. ترفض أن تكون شريكاً في اللوم وتتحمل مسئولية سذاجتك أو تراخيك أو غبائك.. ترفض أن تعترف أنك لم تستطع أن ترى خلف الأقنعة.. ترفض حقيقة المصالح.. وأن خلف كل قرب أمر ما.. يقع ما بين الأخذ والعطاء.. ولا شيء يسمى إيثاراً دون مقابل أعظم.. سواء كان شريفاً أو دنيئاً.

لا تريد أن تفيق من غيبوبة الواجب والمفروض.. لأن الحرية لا تنتزع إلا بقلب شجاع يتحمل النبذ ومستعد للخروج من المعتقل إلى المنفى حيث الحرية.. ولسان مستعد لدفع ثمن الأسئلة المحرمة.. وعقل لا تخيفه الحقيقة ولا يؤلمه صداع الشك والريبة من المألوف والمعتاد.. مستعد لنبش جذورها.. واجتثاثها إن لم تكن بحجم هيبتها على السطح..

الوهم وسادة مريحة لغفوة عميقة وطويلة.. قد تسرقك عمراً بأكمله.. ربما تستيقظ متأخراً.. أو تموت بوهمك.. فهو الموت الذليل.. أياً كانت ساعة الإفاقة.

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب