Wednesday 23/07/2014 Issue 15273 الاربعاء 25 رمضان 1435 العدد
23-07-2014

مزاد..!

مثلما أن الركود طويل الأمد يعتبر حالة جبانة من ترقب الموت دون حيلة.. تحوم فوقه شبهات النهاية والتعفن والكسل.. فإن الحراك ثورة وإن كان بسيطاً كمسيرة نبضة.. إلا أنه شرفٌ وحياة!

«السعودة» كلمة تختصر هماً عظيماً.. وملفاً تضخم للحد الذي يشبه اللعب بالبارود والنار.. لعبة محفوفة بالشر والخطر لها القدرة المدمّرة لتحطيم أمة بأكملها.. بحضارتها وهيمنتها.. وإن كانت قوة عظمى فمآلها للتلاشي.. لأن روحها المتمثلة في الشباب.. راكدة ركوداً حقياًر لم تفلح معه الوعود التي تطير مع إطلالة الأجنبي ونبذ كوادر الوطن.. وإذا حانت ساعة الصفر لن تجد إلا بقايا بشر ليس لديها ما تقدّمه بعد أن تآكلت وشاخت الكوادر «الدينصورية».

عجائز متشبثة بالكراسي كخطيئة.. وتجار الوطن ورجالاته رغم أنهم من ذات الأرض.. يرون في الدخيل أمانة ومهارة تفوق روح الوطن التي تنازع لتأخذ فرصة تثبت فيها أنها قادرةٌ وأهلٌ للعطاء.

تلك الثقة المهزوزة والأفكار المرتابة بالكفاءة الوطنية عارٌ ليس له مبرر.. غير أننا باختصار لم نمنح الأسباب الواقعية لبيئة عمل تحترم الإنسان.. وقبل أن ترمي به في موج السوق.. تدربه وتعلّمه العوم في أقسى الظروف.. على سبيل المثال لا الحصر: في أولى مراحل تأنيث محلات بيع اللوازم النسائية كان التذمّر الذي واكب تلك النقلة سخيفاً ومؤلماً.. واتهام العاملات أنهن بكفاءة أقل.. يحكي فصولاً طويلة عن الجهل بمعنى الخبرة.. والتدريب.. وكيف نكون يداً واحدة لننقل بنت الوطن من مبتدئة إلى خبيرة.

والعار الذي تحول بقدرة خائن.. من جريمة بحق الشباب إلى عطية وإحسان.. ما يُسمى بالسعودة الوهمية.. هي خنجر سدد لقلب الوطن ورسالة مختصرها «خذ ألف يزيد أو ينقص.. وكبّر المخدة في بيتكم»! هذا المبلغ الزهيد ثمن كفاءته وعقله وجسده وإنسانيته!

إن الذي منح الأجنبي قوة الانضباط والمهارة أنه يعيش حالة الضرورة الملحة كونه مغترباً ولسوف يعود إلى وطنه محملاً بخيرات وطننا.. ويملك تعليماً يؤهله كي يستفيد من إمكانياته الجسدية والفكرية.. أليس بيننا من يسخر ويتهم تقدّم الآخرين غير المسلمين.. رغم أنه في أبسط استخدامات حياته.. يستخدم ويعيش على منجزاته وابتكاراته بحجة أنهم مسخرون لنا.. وأن لهم الدنيا ولنا الآخرة! ولا يدري المسكين أنه مجرد «عالة» على العالم كله.. ومجرد متطفّل على الحياة ومن اللؤم أن لا يحترم من خدم الإنسانية ولم يحتكر إبداعه وخدماته لبني جلدته وفكره.. إنما أشاعها للجميع بغض النظر عن لون وشكل ومذهب الآخر المتطفّل.

لا وطن يستطيع الصمود أمام التحديات إن لم يكن يتكئ بثقله على عواتق أبنائه وبناته.. ومن سيبقون له اليوم وغداً.. وللأبد.

فمتى ننجز حلم الوطن الكبير؟.. بأن تكون مقومات الحياة كلها من صنع يده.. وليس ما يستورده من العالم.. وليكون حضنه بحجم أجيال وأجيال ستأتي بعدنا وتجد لها مكاناً يحتويها.

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب