Friday 25/07/2014 Issue 15275 الجمعة 27 رمضان 1435 العدد
25-07-2014

المدن الجامعية الجديدة .. إلى أين ؟؟

تزامن مع إنشاء الجامعات الجديدة البدء بإنشاء مشاريع لمدن جامعية لهذه الجامعات على مساحات واسعة، ورسيت هذه المشاريع على مؤسسات لتنفيذ الموقع العام لها والخدمات الأساسية مع إنشاء مبنى لكلية أو كليتين على أن تستكمل مباني باقي الكليات في مرحلة لاحقة.

وعلى أن المتعارف عليه أن يؤسس للبنية التحتية للجامعات قبل قيامها، باعتبار أنّ لها متطلبات هندسية ومعمارية خاصة لتنفيذ البرامج الجامعية وخاصة في المجالات الطبية والهندسية والعلمية، لكن الحاجة العاجلة لافتتاح كليات جامعية في عدد كبير من مناطق ومحافظات المملكة في وقت قصير، أدى إلى هذا الإجراء وقد كان إجراءً مناسباً في وقته، باعتبار أنها فترة مؤقتة ستمضيها هذه الجامعات في مبانٍ مؤقتة لحين الانتهاء من إنشاء مبانيها الدائمة.

عندما يأتي الحديث عن المشاريع الحكومية، يتذكّر الجميع التوجيهات الملكية من لدن خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - للوزراء، باستعجال تنفيذ المشاريع الحكومية والاستفادة القصوى من الميزانيات الضخمة التي ترصدها الدولة كل عام لها، وهو ما يخلق تفاؤلاً عالياً لدى كل مواطن ومواطنة بسرعة إنجاز هذه المشاريع. واقع الحال أنّ كثيراً من هذه المشاريع الحكومية، ومنها المشاريع الجامعية، يتعثّر وتنتهي الفترة المحددة للتنفيذ، وتمدد فترة التنفيذ وينتهي التمديد ويستمر التأخير، وبغضّ النظر عن الأضرار العديدة الناتجة عن هذا التأخير والتي تختلف حسب طبيعة المشروع، يبقى أن الضرر الأكبر في تأخر تنفيذ المشاريع الجامعية، هو تخرُّج دفعات من طلاب وطالبات هذه الجامعات أكملت البرنامج التعليمي في مبانٍ مؤقتة ينقصها الكثير.

مسببات التأخير في تنفيذ المشاريع الجامعية بلاشك هي نفسها التي تحدث لكافة المشاريع الحكومية والخوض فيه يطول، ولكنها الحقيقة التي توصل إليها كل مهتم بهذه القضية، هو أن ضعف أهلية المؤسسات الوطنية المنفذة السبب الأقوى لذلك. عندما قصرت الدولة تنفيذ المشاريع الحكومية على المؤسسات الوطنية، كان ذلك لدوافع وطنية اقتصادية واجتماعية، تجسّد سياسة حكيمة لحكومة رشيدة وضعت الوطن والمواطن أولوية لسياساتها التنموية، ولكن هل خذلت بعض المؤسسات التي اكتسبت مسمّى الوطنية اسماً لا فعلاً الدولة والمواطن ؟ الإجابة يجسّدها عشرات المشاريع الحكومية البطيئة أو المتعثّرة، ومنها مشاريع المدن الجامعية التي تنفذها مؤسسات وطنية ضعيفة الإمكانيات.

مشاريع المباني الجامعية هي مشاريع استراتيجية هامة لا تقل أهمية وضرورة عن مشاريع المستشفيات والطرق والمطارات، وتأخير تنفيذها يؤدي إلى تراكم لعديد المشكلات المؤثرة سلباً على جودة مخرجاتها من الأطباء والمهندسين والممرضين والفنيين، الذين أكملوا تعليمهم في الفلل السكنية والشقق التجارية، قبل انتقالهم للعمل في المستشفيات والمدارس وداويين إدارة أعمال الدولة والجهات الخدمية والبنوك وبقية قطاعات الأعمال، فالمدن الجامعية النموذجية المكتملة المرافق ضرورة لتنفيذ تعليم عالٍ معرفي وتطبيقي يفضي إلى مخرجات بجودة عالية، وهي ما سيمكن الجامعة من تنفيذ أهدافها وبرامجها التعليمية والبحثية والمجتمعية بنموذج يجسّد التطلعات.

الانفتاح على مؤسسات مقاولات عالمية لتنفيذ المشاريع الكبرى أصبح اليوم ضرورة لتعجيل تنفيذ المشاريع العديدة التي أقرّتها حكومتنا الرشيدة خدمة للمواطن، والتي تعرقلها اليوم المؤسسات الوطنية الضعيفة الإمكانات وعقود الباطن المستترة، وهو ما يربك الخطط التنموية في كافة المجالات، والمشاريع الجامعية المتعثّرة بحاجة إلى حلول عاجلة وعاجلة جداً من لدن من جهات الاختصاص، والأفضل التوقف عن ترسية أي مشاريع لحين إنجاز كل متعثّر. أما القادم من المشاريع فيحتاج إلى حلول أخرى موجودة خارج الحدود، فدعونا ولفترة قادمة من الزمن نتنازل عن بعض الخيارات التي يدفع المواطن ثمناً غالياً لها، وما زالت تلقي بظلالها على مجمل المشروعات التنموية، ولابد من الإشارة إلى اكتمال البناء والتشييد المدن الجامعية ليس نهاية المطاف إذ يستلزم تشغيلها الكثير من الوقت ايضا لتوفير مستلزمات تشغيلها وإدارتها من القوى البشرية والتجهيزات الفنية ليتم تشغيلها بكفاءة عالية تحقق الأهداف التي أنشئت من أجلها وتوازي المبالغ الضخمة التي صرفت عليها. تأخر تنفيذ وتشغيل المشاريع الحكومية بشكل عام هو عقبة حقيقة في طريق التنمية وتأخر تنفيذ وتشغيل المدن الجامعية عقبة أمام تطور التعليم العالي وجودة مخرجاته فلنهتم بالأمر بشكل عاجل.

- أستاذ جامعي

مقالات أخرى للكاتب