Saturday 26/07/2014 Issue 15276 السبت 28 رمضان 1435 العدد
26-07-2014

بلاط الخليفة الداعشي

خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفق منهج المسلمين الذي برزت ملامحه يوم السقيفة انتهت بعد ثلاثين عاماً من وفاته وتحديداً بعد مقتل علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه، إذ تحولت بدءاً من الدولة الأموية إلى ملك عضوض.

تحولت بساطة الخليفة كما نام عمر بن الخطاب رضي الله عنه تحت الشجرة عادلاً آمناً إلى نظام دولة وسلطان وحكم وراثي مع بقاء رمزية الخلافة في شخصية الخليفة، ورغم أن هذه الرمزية قد انتهت بسقوط الخلافة العباسية على يد المغول عام 1258م إلا أن التشبث بها قد استمر إلى عام 1924 غداة انهيار الدولة العثمانية وإعلان الجمهورية التركية من قبل مصطفى كمال أتاتورك.

لمن يتولى خلافة المسلمين شروط أهمها الإسلام والعلم والبلوغ والعدل والعقل والحرية وحصافة الرأي وسلامة البدن وعدم الحرص على الخلافة، واختياره من قبل أهل الحل والعقد ممن يتميزون بالعلم والعدالة والحكمة والرأي السديد وحيازتهم على ثقة الناس. أي أن مسألة الخلافة أو حتى رمزيتها ليست بتلك البساطة والسهولة رغم الاختراقات التي حدثت في التاريخ الإسلامي وفي عصور عمّت فيها الفوضى وكثرت الفتن فخرج من يدّعي أنه خليفة المسلمين مستفيداً من القلاقل والحروب أو حالات الانفصال عن مركز الخلافة مثلما حدث بإعلان دول إسلامية في الأندلس والمغرب ومصر والشام وتسمية حكامها خلفاء رغم وجود الخليفة العباسي في بغداد.

وفي العصر الحديث أعلن أن الملا عمر أمير للمؤمنين في أفغانستان وفي ظل حكومة طالبان، وقبل فترة أعلنت عصابات داعش الإرهابية في العراق وبلاد الشام خلافة إسلامية مستفيدة من حالات الفوضى وهي لمن لا يعرفها جماعة من الخوارج ضالة مضلة منهجها منحرف عن منهج أهل السنة والجماعة. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن الخوارج إنهم جماعة يأوّلون القرآن على هواهم ويكفّرون بالذنوب والسيئات ويترتب على تكفيرهم استحلال دماء المسلمين وأموالهم، ويرون أن دار الإسلام دار حرب ودارهم دار الإيمان وحذَّر -رحمه الله- من هذه الأصول الخبيثة للخوارج وما يتولد عنها من بغض المسلمين وذمهم ولعنهم واستحلال دمائهم وأموالهم فهم يقتلون أهل الإسلام كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ويتركون أهل الأوثان ولهذا كفَّروا عثمان وعلي وأهل صفين.

وبما يشبه المسرحيات الهزلية نصبت عصابة داعش الدموية الإرهابي «أبوبكر البغدادي خليفة للمسلمين، حيث جاء الإعلان نصاً بقيام الخلافة الإسلامية ومبايعة أبي بكر البغدادي خليفة للمسلمين في كل مكان.

السؤال هنا: ما مدى انطباق شروط الخلافة على الدعي البغدادي؟ هل هو عادل وهو يسير وفق قاعدة من أعترض طريقك فيجب أن يباد بغض النظر عن دينه؟ هل هو على منهج أهل السنة والجماعة وهو يكفّر المسلمين ويستحل دماءهم ويقتلهم دون محاكمات؟ أين الحكمة من منهجه وهو يشن غاراته على المسلمين ويترك الأعداء وهو معروف بوحشيته وتعطشه لدماء الأبرياء؟ هل جاءته الخلافة منقادة أم سعى لها ورتب لإعلانها؟

بلاط خليفة المسلمين تحول عبر العصور الإسلامية إلى دوحة سلام وعلم وثقافة، أما بلاط الخليفة الداعشي فقد تحول إلى حمام دم تقطع فيه رؤوس الأبرياء. اليوم وقد اختلطت الأوراق أمام عامة الناس فلا بد من قيام الجميع من علماء دين وتاريخ وسيرة وكتاب بتبصير الناس وتوعيتهم بتلك الكذبة الكبرى تحت المسمى البراق والخادع «الخلافة الإسلامية».

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب