Sunday 27/07/2014 Issue 15277 الأحد 29 رمضان 1435 العدد
27-07-2014

القليل كثير

القليل كثير (Less is More) هو شعار رفعته قبل سنوات السلطات التعليمية في أوروبا وكندا وأمريكا الشمالية. طرحت تلك السلطات هذا الشعار عندما اكتشفت أن طلابها مثقلون بدراسة وبتعلم كم كبير من المناهج والمقررات. في مثل تلك الظروف اضطر المعلمون إلى السباق مع الزمن؛ لكي يتمكنوا من تغطية وإنهاء المنهج الدراسي في الوقت المحدد. وعندما لا يتمكن المعلمون من تغطية المنهج في الوقت المتاح فإنهم يتلقون لوماً وتقريعاً من المشرفين التربويين. اكتشفت السلطات التعليمية لاحقاً أن المعلمين أصبحوا ينجحون فعلاً في تغطية وإنهاء المنهج الدراسي في الوقت المحدد لهم، لكن ذلك لم يكن بلا ثمن. ما هو الثمن؟ ومن دفع هذا الثمن؟ في الواقع أن الطلاب أنفسهم هم من دفع الثمن. أما الثمن المدفوع فكان تحول المنهج إلى مجرد معلومات متناثرة، معلومات معلبة وجافة، لا يرى فيها الطالب أي معنى أو صلة بحياته اليومية. لقد وجدوا أن الحل يكمن في تخفيض وتقليص المناهج إلى أقل حدد ممكن دون إضرار بالمهارات الأساسية. عندئذ استغلوا الفائض من الوقت في توجيه طلابهم (تحت إشراف معلميهم) نحو الممارسة والتطبيق العملي، ونحو التجريب في المختبر، ونحو التدريب على مهارات الاستقصاء والحوار، ونحو تعزيز العمل الجماعي بين الطلاب. ماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أن تحوَّل طالبهم من «مكتبة حية تتنفس» إلى طالب قادر على ممارسة مستويات عليا من التفكير الناقد الإبداعي، وقادر على فهم بيئته والتفاعل المنتج معها. أرجو أننا نستفيد من هذه التجربة.

أستاذ التربية بجامعة الملك سعود

مقالات أخرى للكاتب