Wednesday 30/07/2014 Issue 15280 الاربعاء 03 شوال 1435 العدد
30-07-2014

جلجلة..!

لطالما كانت تقنيات المنع والإجبار تقابلها قوة تماثلها من العناد والتخطيط والتكتيك لقفز الحواجز والوصول وإن طال الأمد.. فاللذة هنا ليست لذة الوصول إنما لذة التحطيم.. تحطيم الضغط الذي يمثل الشخص المتحكم والقانون.

في التربية وبيئة العمل، وكل مكان يشغله إنسان.. عندما تمنعه يشعر بتهديد خفي يؤذي حريته.. سواءً كان الأسلوب المتبع مهذباً أو متطرفاً.. قد تختلف قوة ردة الفعل.. لكنها تجتمع عند ملتقى كسر القيد.

ما أكثر الممنوعات في الحياة.. لكن ما مدى حقيقة الاقتناع أو الإذعان الذي يبديه البشر أمامها؟ وهل هو ستار الوقت الذي يواري خلفه خطة قادمة للتدمير!

أعتقد أن كل رغبة خلفها إشباع لغريزة ما.. يدفعها ذاك الجوع إلى حدود التحقق.. وتبقى الوسيلة رهن الأخلاقيات والمبادئ والثقافة الشخصية وليست السائدة.. لأن الرغبات لا تؤمن بالسائد فهي غالباً تُشبع سراً.. وبعيداً عن عين الرقيب والناقد.

الرغبات في كل حالاتها سواءً المقبولة أو التي يجرمها المجتمع أو الدين.. تدخل ضمن الممنوع الذي يزيدها توهجاً وجنوناً حتى تخرج من حيز الرغبة الواسع.. إلى زاوية الحاجة الحادة الضيقة.. كأن المنع يمنحها دفعة مفاجأة نحو الهدف الأعمق.. ومع ذاك الإيقاع المتسارع على نحو غير متوقع يربك الحكمة والعقل ليفعل ثم يفكر.. مع أن المعادلة التي كان ولا يزال يعيش بها أن يفكر ومن ثم يفعل.

ولأن القوانين وضعت للحماية.. إلا أن العقليات التي سنتها غالباً لا تأخذ في اعتبارها سحر كلمة «ممنوع» كيف لها أن تفتح للإنسان آفاقاً لمصافحة الشيطان من تحت الطاولة إن لزم الأمر.

الترهيب والتخويف أدوات تجدي لكن مؤقتاً.. لحين أن ينتصر الإنسان على خوفه.. لأن صراع الغرائز لا يخضع لقانون أو سيادة.. غابة مصغرة تعترك داخل إنسان.. التهديد الخارجي يزيدها وحشية وجوعا لا يفتر.

لذا فإن تعليم الإنسان كيف يتعامل مع غرائزه ويهذبها ويهدئها خيرٌ من تحديها بالسوط والحديد والنار.. هو ليس بحيوان يمكن للقفص أن يحد من جنونه وجموحه وشرّه.

كلنا نريد أن نحمي أنفسنا وأبناءنا ومجتمعنا من ثورات النفس المباغتة.. ومما لاحظته واستخدمته تقنية سهلة لكنها ناجعة.. لأن الرغبات كالموج لها اعتلاء وانحسار.. إذا تعلم الإنسان كيف يؤجلها لبعض الوقت.. تفقد شهية التحقق.. لأنه هو الذي قرر مع امتلاكه لحرية الإقدام أو التراجع.. وليس بإيعاز من قوة خارجية جبرية.

مرة بعد مرة سيتعلم كيف أن تأجيل الرغبات فن يجعل رسن النفس بيده.. يوجهه كيفما شاء دون أن يشعر بخوف يلاحقه ويدفعه لاختيار قد يكون ليس ما يريده تحديداً.

لأن جوع النفس مؤقت.. وإشباعها ليس مصيرياً.. إنما بإمكانها أن تنتظر قليلاً.

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب