Wednesday 30/07/2014 Issue 15280 الاربعاء 03 شوال 1435 العدد
30-07-2014

المرور بين القانون الحازم والكلام الإنشاء

يصعب التعويل على النوازع الأخلاقية وحدها عند معظم الناس حين يتعلق الأمر بضبط السلوك العام. فالقانون، قبل غيره، هو الذي يضبط السلوك عند الغالبية الساحقة من البشر إذا كان ذلك القانون يُطبق بحزم وعدل. وفي هذا السياق أقرأ ما ورد على لسان المدير العام للمرور في منطقة الرياض العميد علي الدبيخي الذي قال: إن دراسة أجرتها المديرية العامة للمرور في منطقة الرياض أكدت انحسار ظاهرة التفحيط بنسبة 44 بالمائة وذلك بعد تطبيق الإيقاف بالقوة الجبرية وضبط 1200 مفحط ومتجمهر وعدد من المطلوبين الأمنيين ومهربي المخدرات أثناء ممارسة التفحيط.

هذه المعلومات التي صرَّح بها المدير العام للمرور في منطقة الرياض لجريدة الحياة تثبت أن القانون يأتي أولاً قبل أي عامل آخر في ضبط سلوك معظم الناس. وهذا الأمر ليس مقتصراً على بيئة اجتماعية محددة أو بلدٍ معين، ففي كل المجتمعات سواء المتقدمة او المتخلفة يهاب الناس القانون ويحترمونه بشرط أن يطبق بحزم وعدل. ويبدو أن تطبيق الإيقاف بالقوة الجبرية لمن يرتكبون مثل تلك المخالفات المرورية الجسيمة أكثر فاعيلة من عشرات الحملات المرورية الإعلامية عن أخطار التفحيط.

لقد بلغ السيل الزبى، وضاق الناس المنضبطون ذرعاً بجنون المفحطين وبالمخالفات المرورية الشنيعة التي تحدث في شوارع كل المدن والقرى السعودية. هؤلاء الناس الملتزمون بقواعد السير والذين صاروا يخشون مجرد الخروج إلى الشارع خوفاً من ان تقتحمهم مَرْكَبة مجنونة يقودها مفحط عابث أو شخص مستهتر بأرواح الناس وبالنظام. ولذلك أتفاءل عندما أقرأ أن التفحيط تقلص بأي نسبةٍ كانت حتى لو بأقل من النسبة التي ذكرها المدير العام للمرور بمنطقة الرياض، وحتى لو شكك بعضهم بدقة الأرقام التي وردت في الدراسة إذا كانت الجهود المبذولة ستقود في النهاية إلى السيطرة على ظاهرة الانفلات المروري.

وأتفاءل أكثر عندما ألمس شفافية وصراحة في حديث مدير المرور بالرياض، فهو لا يتحرج أن يكاشف المجتمع في أن بعض المفحطين والمتجاوزين الذين تم رصد مخالفاتهم هم من ضباط وأفراد المرور، وأن العقوبات تكون مضاعفة في هذه الحالة وقد تصل إلى إنهاء الخدمات والسجن. فبغير الشفافية والصراحة لن نستطيع حل مشاكلنا لأننا حين لا نفعل ذلك نكون أجبن من أن نواجهها.

القانون أولاً والقانون أخيراً، وتأتي بعد ذلك على الرحب والسعة حملات التوعية وكل الذي يأتي معها من الوعظ والإرشاد والكلام الإنشاء الذي قد ينفع مع القلة القليلة من الناس ولكن لا يمكن أبداً التعويل عليه وحده.

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب