Sunday 03/08/2014 Issue 15284 الأحد 07 شوال 1435 العدد
د. محمد بن يحيى الفال

د. محمد بن يحيى الفال

كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعالم

03-08-2014

مكافحة الإرهاب والتطرف مسؤولية الجميع

جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي وجّهها للأمَّة العربيَّة والإسلاميَّة والمجتمع الدولي يوم الجمعة، الخامس من شهر شوال 1435هـ، في التوقيت الصحيح بعد أن بلغ السيل الزبى من تفاقم لظاهرتي الإرهاب والتطرف في العالم وخصوصًا في العالم العربي والإسلامي، وفوق ذلك إرهاب الدَّولة الذي نراه واضحًا جليًّا في المجازر والفظائع التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين العزل في قطاع غزة.

جاء في الكلمة أن العالم بمؤسساته المدنية والحكوميَّة يلتزم الصمت ولا يكترث للجرائم التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة.

وأكَّدت الكلمة بوضوح أن الإرهاب أصبح آفة وشرًا يتربص بالعالم سواء كان من ينفذه دولة أو تنظيمًا أو خلاف ذلك.

وحرص خادم الحرمين الشريفين في كلمته على التأكيد من أن الإسلام براء من التنظيمات التي تدعيه ولا تقيم حرمة للنفس البشرية التي حرم الله قتلها إلا بالحق. وأصبحت هذه التنظيمات التي نراها اليوم في العديد من الدول العربيَّة وهي تتباهي بنشر صور القتل بلا خجل من الله ولا بما جاء به رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام، ومما يجعل جرائمها أكثر شناعة وخطورة هو تدثرهم بالدين الإسلامي الذي يعرف الجميع أنه منهم ومن أفعالهم الشريرة والخبيثة براء، براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

وضعت كلمة خادم الحرمين الشريفين الوافية الضافية الجميع أمام مسؤولياتهم في مكافحة الإرهاب والتطرف سواء كانوا رجالاً وعلماء دين، أو منظمات للمجتمع المدني، أو المنظمات الدوليَّة ذات العلاقة بالأمن والسلم الدوليين، وفي هذا الخصوص فقد أكَّدت الأحداث التي نراها من جرائم ضد الإنسانيَّة ضد قطاع غزة بعد نظر قيادة المملكة باعتذارها عن شغل منصب مقعد غير دائم في مجلس الآمن، الذي تؤكد الأحداث دومًا تراخيه وعدم اكتراثه في القضايا التي تكون إسرائيل طرفًا فيها، وهي التي يشهد لها تاريخها بأنها ترمي بعرض الحائط كل القرارات الدوليَّة وتجد دومًا من يساندها ويدعمها في الهروب من أيّ استحقاقات أو عقوبات دوليَّة تفرض عليها.

وبلغت بها الجراءة والحماقة بأنها في عدوانها على قطاع غزة قصفت مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الانوروا) عدَّة مرات وهي المدارس التي ترفع علم الأمم المتحدة، وظن الذين لجؤوا إليها من أطفال ونساء بأنهم في مأمن لتصلهم هناك بأسلحتها الفتاكة، لتشيع القتل والخراب.

تطرَّقت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى تردد وعدم جدِّية المجتمع الدولي في مكافحة ظاهرتي الإرهاب والتطرف وأعاد للأذهان في كلمته جهود المملكة في هذا المجال من خلال دعوتها لتعاون دولي للقضاء على ظاهرة الإرهاب من خلال المؤتمر الدولي الأول لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض قبل عشر سنوات. فالمملكة كانت فاطنة لخطورة هذه الظاهرة التي يدفع الجميع الآن فاتورة عدم مكافحتها ودفنها في مهدها قبل أن تتفاقم وتقوض الأمن والسلم الدوليين. ونري جليًّا ما ينتج عن هذه الآفة من تقويض للآمن واستقرار الدول أو خيارات شعوبها، نراه واضحًا في مليشيات الحوثيين في اليمن وتقويضها لقيام دولة المؤسسات في هذا البلد الذي يعاني مشكلات لا حصر لها، نراه في التدخل في خيارات الشعب السوري بتدخل حزب الله ولواء أبو فضل العباس في شأن داخلي سوري بحت، لشعب سئم من الاستبداد والقمع من قيادة لم ترحمه وصبت عليه جام غضبها بأفتك أنواع الأسلحة لم تستن في ذلك أسلحة كيماوية أو براميل متفجرة، نراه في العراق من خلال حكومة لم تراع التركيبة السكانية له، ولا لمطالب فئة أساسيَّة من مكوناته وكانت النتيجة وبقصور دوله عاقلة لظهور تنظيمات ضالة مضله تستخدم الدين لباسًا وتشيع الفوضى وتقتل بلا رحمة، لينتهي الأمر بالعراق لخطر التقسيم والفوضى الذي أضحي يسبح فيها من دون بارقة أمل في نهاية للنفق المظلم الذي يعيش فيه.

وفيما يخص إعلان الرياض لمكافحة الإرهاب فقد نشرت صحيفة الجزيرة في عددها 14182 بتاريخ 27 شعبان 2432هـ الموافق 28 يوليو 2012م، مقاله عنه بعنوان» رحلة التطرف من أوكلاهوما سيتي إلى أوسلو: حتمية تغير الصورة النمطية والقوانين» إعلان الرياض نموذجًا.

وتطرَّقت المقالة للمؤتمر الدولي الأول لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض في الفترة الواقعة بين 25 و27 ذي الحجة 1425هـ، الموافق للخامس وحتى الثامن من شهر يوليو 2011م، وحضرته 51 دولة عربيَّة وإسلاميَّة وأجنبية. ووضحت فيه المملكة رؤيتها لمكافحة التطرف والإرهاب بكلمة سامية، وافيه، وكافية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكان وقتها وليًّا للعهد وخاطب المؤتمر واصفًا الإرهاب والتطرف «كل أيدلوجية تدعو للكراهية وتحرض على العنف وتسوغ الجرائم الإرهابيَّة التي لا يمكن قبولها في أيّ دين أو قانون».

خُتمت المقالة بالقول: «مشكلة الإرهاب والتطرف تتلخص في أن الجميع موافق على أهمية مكافحتهما ولكن أغلب الجميع متردد في التعاون الجماعي للقضاء عليهما، ولكل دولة أسبابها المعلنة وغير المعلنة، وأصبح تشبيه هذا التردد الدولي في التصدي لهاتين الظاهرتين كمن يعشق السباحة ولكنه يخاف ويخشي البلل».

عشر سنوات أنقضت منذ أن حذّر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العالم في مؤتمر الرياض الدولي لمكافحة الإرهاب، وهو اليوم حفظه الله يجدد تحذيره للعالم من مخاطر الإرهاب، لعلَّ العالم يعي خطورة هذه الظاهرة، التي يمكن وصفها وتشبيهها بالمرض السرطاني الذي يسهل الشفاء منه إذا استأصل مبكرًا، أما إذا ترك فإنه سوف ينهش من دون رحمة والتجارب أمامنا في دول الإقليم واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.

Alfal1@ hotmail.com

باحث اعلامي

مقالات أخرى للكاتب