Sunday 03/08/2014 Issue 15284 الأحد 07 شوال 1435 العدد
03-08-2014

مجموعة الإرهاب الدولي

كانت السعودية وما زالت من أشد الدول الفاعلة في مكافحة الإرهاب، فقد نجحت في محاصرة تنظيم القاعدة، وتصفية قادته، وشل حركته من خلال إستراتيجية مكافحة الإرهاب التي نفذتها بكفاءة وزارة الداخلية، وعرابها الأمير محمد بن نايف. حرب ضروس شنتها السعودية على جماعات الإرهاب والجماعات المتطرفة التي أرادت أن تقحم المملكة في فوضى تقود إلى إنهيارها وتفككها من الداخل.

غالبية التقارير الاستخباراتية كانت تشير بوضوح إلى علاقة تنظيم القاعدة باستخبارات خارجية متمرسة في الإرهاب الدولي، وهو ما أثبتته الأيام اللاحقة.

أفول نجم تنظيم القاعدة دفع الاستخبارات الغربية إلى استنساخه بتنظيمات أخرى، ومنها «تنظيم داعش» الذي تحول إلى أداة استخباراتية لضرب الثورات العربية، ونشر الفوضى، وإثارة القلاقل، وتمشيط الأراضي المستهدفة بخطط التقسيم الإستراتيجية.

لم تكن إيران بعيدة عن مشهد الإرهاب الدولي، حيث تلاقت أهدافها مع الأهداف الغربية والصهيونية، فشكلوا فيما بينهم تنظيماً دولياً يستهدف ضرب الدول العربية. تم توزيع جماعات الإرهاب بعناية في المواقع المستهدفة، فغُرِست جماعة الحوثي المدعومة من إيران، في المناطق اليمنية الملاصقة للحدود السعودية، وجهزت إيران خلاياها الصفوية النائمة في الشرق، وحركت جماعاتها الصفوية في البحرين، وتغلغلت في الكويت، ثم دفعت بحزب الله الإرهابي، وفيلق القدس إلى سوريا لمناصرة الأسد، فتحولت إلى ميليشيا متخصصة في التطهير العرقي والإبادة الجماعية. المكاسب العسكرية التي تحققت على يد الجيش الحر في سوريا دفعت بـ «مجموعة الإرهاب الدولي» إلى نقل خلاياها الإرهابية من ليبيا، والزج بهم في الأراضي السورية لقمع الثورة وتفكيكها.

ظهر «تنظيم داعش» من العدم، وبدأ الإعلام الغربي في تضخيم أعماله العسكرية، وملاءته المالية، وقدرته على اختراق الدول والجيوش النظامية. لم يكن تنظيم داعش سوى صنيعة استخباراتية موجهة لتحقيق أهداف إستراتيجية محددة في سوريا والعراق، وبعض دول الخليج.

لم يعد الإرهاب على علاقة بالجماعات المتفرقة، بل تحول إلى منظمات دولية مدعومة من دول كُبرى، يحظى بالرعاية والتسليح النوعي والتمويل والغطاء القانوني. أدواتها من الخوارج الضالين، وقادتها عملاء محترفون تابعون لاستخبارات دول «مجموعة الإرهاب الدولي»، وتمويلها من بعض (الأشقاء) الضالين، ممن ارتهنوا أنفسهم للغرب والصهاينة فأصبحوا في فلكهم يسبحون.

أصبح الإرهاب الدولي بديلا «للربيع العربي» الذي فشل في استكمال أهدافه الإستراتيجية. ما لم يتحقق لـ«مجموعة الإرهاب الدولي» من خلال الربيع العربي أصرت على تنفيذه من خلال جماعات الإرهاب، وفي مقدمها «داعش» التي نجحت في تشويه الإسلام، وتحويله إلى دين التطرف والإرهاب.

أزعم بأن جماعات الإرهاب المعروفة بدءاً من القاعدة، مرورا بالنصرة وأخواتها، وانتهاء بداعش، ما هي إلى صنيعة غربية صفوية صهيونية وضعت لضرب الدول العربية، وإعادة تقسيمها إلى دويلات ضعيفة. أسهم غياب العلماء عن محاربة فكر الخوارج، ومواجهة الجماعات المتطرفة، إلى استغلال «مجموعة الإرهاب الدولي» شباب الأمة وتجنيدهم واستغلالهم كأدوات تنفيذية في مناطق النزاع. انشغل كثير من العلماء بقضايا جانبية تاركين خلفهم القضايا المصيرية الحساسة، ولاذ آخرون بالصمت، وأنخرط بعضهم في تحفيز الشباب على الخروج، والزج بهم في مناطق النزاع، في الوقت الذي تفرغ فيه بعضهم لمواجهات إعلامية و»تويترية»، فانغمسوا في قضايا لا تليق، قادتهم نحو التشكيك العقدي، والأخذ بالنوايا، وتأليب العامة، وإحداث الفرقة بين المسلمين. ربما كان صمت بعض العلماء، وإنشغالهم عن قضاياهم الرئيسة، سببا في مطالبة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لهم بالعمل والصدع بالحق، وتبيانه وتحمل مسؤولياتهم أمام الله.

ضياع الأمة وتشتتها، والأخطار المحدقة بها، دفع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوجيه دعوة صادقة للقادة والعلماء، بأن يقوموا بأداء واجبهم تجاه الحق جل جلاله». رسالة واضحة من قلب منصح، وقائد متمرس، عرف الأمور ومآلاتها، وحذر منها قبل وقوعها.

استغلال بعض الدول الإرهاب الدولي لتحقيق أهدافها، تسبب في عرقلة مكافحته، و عدم تفعيل اقتراح الملك عبدالله بإنشاء (المركز الدولي لمكافحة الإرهاب).

يبدو أن عدم التفاعل مع المقترح الأهم في إستراتيجية مكافحة الإرهاب كان لأسباب استخباراتية صرفة، حيث بات واضحا أن دول الفساد أوكلت عملية تدمير الدول العربية لجماعات إرهابية منظمة. فتحول الإرهاب المُنعزل إلى إرهاب دولي، تُغذيه الدول المعنية بمكافحته.

استشرف خادم الحرمين الشريفين في خطابه المستقبل، وفند الواقع المعاش، وحذر من الأخطار المحدقة، ونادى بجمع الكلمة ووحدة الصف وتقديم مصلحة الأمة على المصالح الضيقة.

كلمات صادقة وشفافة، وجهها حفظه الله لذوي الألباب قبل أن تحل بهم الكارثة فيصيبهم بعض الذي صنعوه بأيديهم. (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون).

f.albuainain@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب