Friday 08/08/2014 Issue 15289 الجمعة 12 شوال 1435 العدد

نص

ما معنى أن تكون صامتًا؟

إن محاولة تلمُّس الحقيقة، وملاحظة ما يجري من وقائع، تتطلب شجاعة الإنسان، وقوته؛ ليرد على هذا الواقع ويشرحه، وينظر له بعين ثاقبة ترصد الخطأ، وقلب سليم يحاول الإصلاح، وما عدا ذلك محض هراء، يقع فيه الإنسان بلا طائلة تعود عليه بالنفع.

فاختيار الصمت كحقيقة مفزعة ومضادة لكل الفجائع في هذا العالم هو اختيار مؤذٍ ومرهق للأنفس الحرة، ومخجل للضمير الإنساني الذي سيرهقه الصمت طويلاً إلا إن حاول نفض ما علق ببدنه وروحه من آثار اللامبالاة، واعتبر من مواقف الآخرين الذين وقعوا في مغبة الصمت، وندموا على ذلك كثيراً.

وما الصمت إلا عنوان مبهم، يقصده كل البشر تفاديًا لمساءلة الضمير، ومعاتبته لهم، وربما بالغوا كثيراً في خنقه، ودفنه بعيدًا عن عالمهم. المهم ألا يكون عائقًا أمام أمانهم وراحتهم المزعومة.

لا راحة في خضم هذه الأحداث والوقائع التي تستنزف دماءنا وتقلم أرواحنا، تلك الآلة التي تطحن كل شيء أمامها، ولا تكتفي بذلك أبدًا، بل تتجاوز ذلك لتصل إلى إخراس الألسن، وقطع الحياة عنها؛ حتى لا تنطق بقول الحق، أو تعبر عن رأيها بكل صراحة، وهذا الأمر قد يكون قسريًا، يتبع مؤيدوه أبشع الطرق للقضاء على الكلمة، بينما يقف على الطرف الآخر مناهضو القسر والاستبداد الذي يحاولون أن يكونوا سنداً للكلمة، وللحرف، حتى تصل إلى أهدافها سليمة، لكن الطرفين في زحمة انشغالهم بالتراشق اللفظي والمعنوي نسوا أن للكلمة روحاً، تريد أن تصل إلى هدفها، وأن يكون لصداها وقع.

فلا الواقع أهل للصمت، ولا الصمت مرحَّب به في واقعنا، فلننهض بنا، ومن خلال آرائنا، التي تصقل كل خبراتنا وإنسانيتنا؛ لنشع على هذا العالم بقوة وحرص على بقائنا في حالة طبيعية، لأناس ملوا الصمت ونبذوا الخوف.

- موضي العتيبي