14-08-2014

الجمجمة العربية و(حاحا النطاحة)

شئنا أم أبينا نحن في منطقتنا العربية أمام تقلبات وتغيرات عجيبة غريبة رهيبة، ولا يعلم إلا الله وحده إلى أين وكيف وبأي ثمن، أما متى فهو سؤال قد مضى ولم يعد مطروحا ونحن في خضم البراكين.

داعش صنيعة إيران، لا داعش صنيعة النظام السوري، لا داعش صنيعة الصهيونية الأمريكية، وإيران تحارب داعش وأمريكا تحارب داعش والنظام السوري يحارب داعش،

إذن داعش صناعة الدول العربية السنية ولكن كيف وهذه الدول تحاربها أيضا وتصفها بالإرهاب وتحذر من شرورها؟ لا عجب فأمريكا التي رفضت التدخل بالطيران الحربي في سوريا بحجة أنها لا تريد التورط هاهي تصول وتجول في فضاء العراق لضرب خطوط داعش العسكرية المتقدمة بحجة إنقاذ أرواح جواسيسها أو خبرائها، والحوثيون يتمركزون في عمران للتقدم نحو صنعاء ثم يستجيبون لنداء الرئيس اليمني وينسحبون ليتظاهروا في صنعاء نفسها، وبنيامين يعلن بكل صلافة عن وجود تحالف إقليمي مؤيد لإسرائيل في ضرب غزة المحاصرة من كل الجهات الأربع ويستكثر عليها الحفر في الأرض، ونائبة رئيس وزراء بريطانيا تستقيل احتجاجا على موقف بلادها من العدوان الصهيوني والرئيس الفرنسي (الاشتراكي) اولاند يمنع التظاهرات المناهضة للعدوان الصهيوني، وبعض دول أمريكا الجنوبية تقطع علاقاتها بالكيان الصهيوني احتجاجا وبعض الدول العربية لم تشجب وتدين كما اعتادت كل مرة، وفي ليبيا كل ثلاثة أو خمسة من حاملي الأسلحة يكونون مجلسا ثوريا لإنقاذ الوطن، وحزب الله في لبنان يدين تدخل الجماعات المسلحة السورية في عرسال وينتشر في القصير السورية لمقاتلة الشعب السوري، وإيران تريد استبدال المالكي وتخشى من انفراط الجبهة الصفوية الموالية لها، ونوري المالكي مُصر على التمسك بالحكم ويحبس الوزراء ورئيس الجمهورية كرهائن في سراياه الخضراء، وبغداد تنتظر قدوم الثوار العراقيين واربيل تنتظر رايات داعش السوداء، وخمسة ملايين مشرد في سوريا والعراق، والقمة العربية صارت قمما جانبية، والإسلام صار (إسلامات)، وحتى أقيمت الخلافة وخطب الخليفة أو المهدي المنتظر في مسجد الموصل الكبير ثم اختفى، والبعض مازال يشكك في أحقية الفنانة فيفي عبده في جائزة الأم المثالية.

ولست أدري كيف تجتمع كل هذه المتناقضات في جمجمة بشرية ثم تسترخي على أغنية غرامية، لولا أنها جماجم عربية لم تعد تعي هوية القضية العربية، لقد تعددت القضايا وتزاحمت في أوراق (الرزنامة) التقويمية لتصبح فقط تواريخ للأيام والشهور، البعض يحرص عليها ليؤكد حجوزات الفنادق والطيران والآخر ينتظر تاريخ انقضاء مدة المحكومية، سماؤنا تلبدت بالأقمار الاصطناعية لتبث للجمجمة العربية شتى أصناف الهلوسة والسطحية، وأخرى تخصصت بالأحداث والقضايا السياسية ولكل منها لغتها العربية، أحداث طاحنة ومصيرية وأسواق للمنتجات الاستهلاكية، جثث تحت الأنقاض ومهرجانات احتفالية، والحكاية و(الحكواتية) شاخ الزمان وما زالت صبية ترقص وتغني على هزلية أحمد فؤاد نجم التي خرجت بصوت شيخ إمام في الستينيات الميلادية من القرن الماضي تقول:

ناح النواح والنواحة

على بقرة حاحا النطاحة

والبقرة حلوب... حاحا

تحلب قنطار... حاحا

لكن مسلوب... حاحا

من أهل الدار... حاحا

والدار بأصحاب... حاحا

باحد عشر باب... حاحا

غير السراديب... حاحا

وجحور الذيب... حاحا

وبيوم معلوم... حاحا

عملوها الروم... حاحا

والبقرة تنادي... حاحا

وتقول يا اولادي... حاحا

وأولاد الشوم... حاحا

رايحين في النوم... حاحا

إلى آخر الأرجوزة الهزلية التي عاشت معنا منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم تتحدث عن حال الوطن العربي المأزوم، ولم تكد تتغير فينا إلا تواريخ التقويم كما أسلفت لتزيد أزماتنا وقهرنا وعجزنا وتكالب المحن من حولنا نسأل الله السلامة والعافية لوطننا خاصة ولكل أوطان المسلمين والناس أجمعين والله المستعان.

Hassan-Alyemni@hotmail.com

Twitter: @HassanAlyemni

مقالات أخرى للكاتب