17-08-2014

لماذا السينما المرخصة أخطر من «إباحية تويتر»..؟!

هناك جانب آخر لتويتر، هناك كم هائل من الحسابات الجنسية والتي تقدم عروضاً وصوراً وروابط مختلفة، لا توجد إحصائية تقديرية لحجم هذه الحسابات إلا أنها عديدة جداً ومتنوعة جداً وبكل لغات العالم. تقريباً بما فيها العربية!..

قرأت تحذيرات في أكثر من مواقع أجنبية عن حجم تدفق المعلومات والصور الجنسية والإباحية عبر حسابات تويتر الوهمية والتجارية والمضللة والمستغلة للشهوة الإنسانية.

التحذيرات موجهه للأسر تحديداً، وفي مقالات نشرتها صحف ومواقع غربية شملت تحذيرات من الاتجار بالبشر واستغلال الأطفال، وتقديم مواد لا تعترف بالأعمار وفوارقها.

محلياً لم نسمع داعية أو شيخاً أو طالب علم من نجوم تويتر المعروفين يحذر من ذلك، أو بدقة أكبر لم نسمع من الخطاب الديني ومشايخه المتصدين للجديد والمثير تحذيراً من تويتر وأخطاره، رغم تحذيراتهم وتحريمهم الدائم لكل منتج بشري جديد بدأ من الإذاعة والتلفزيون والبث الفضائي وحتى كاميرات الهواتف المتحركة التي بادروا إلى تحطيمها وتكسيرها.

التحذير الوحيد هو أن الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قررت ملاحقة بعض حسابات موقع التواصل الاجتماعي تويتر التي تروج للإباحية والدعارة.

لكن لتفهم الصورة أكبر، شاهد -مثلاً- موقفهم التقليدي الصلف والصلب وغير المفهوم من السينما تحريماً ومنعاً؟، فيما الهواتف الذكية توصلك اليوم إلى كل مخازن الأفلام العالمية دون رقابة أو رقيب.

صحيح إن تويتر نفسه عصي على الرقابة والحجب بمحتوياته وروابطه، لكن تبقى كلمة السر الدائمة في موضوع التحريم والتجييش و المواجهة ليست في المحتوى وحسب، بل في قدرة هذا التيار الأحادي على المشاركة والاستخدام لهذا المنتج أو ذاك، لتوظيف هذا الوسيط أو لا، أو الحضور في هذه الوسيلة أم لا.

وهو ما انطبق على الإنترنت الذي وجدوا فيه فرصة للحضور، وكذلك القنوات الفضائية بعد أن أتاحت لهم ساعات من التواجد والمشاركة.

وهو نفس الأمر مع تويتر الذي أتاح حضوراً جماعياً ومساحة حرة بغض النظر عن محتويات الدعارة والجنس الفاضحة.

لكن السينما شأن آخر، صناعة أخرى، يدركون في النهاية أنهم لن يستطيعوا صناعة مقطع فلم ناجح ولو اجتمعوا..

وهذا الملعب تحديداً، وطبيعة الصناعة عصية عليهم، تحتاج إلى إبداع ومؤثرات، وصياغة تتجاوز الحديث والتوجيه المباشر.

أضف إلى أن فيها أعمال عظيمة تفتح العقول على خيالات تتجاوز المحيط البسيط إلى التفكير في كل الاتجاهات.

انتقائية التحريم والمنع لدي هذا التيار، هي انتقائية تتعلق بمستوى قدرتهم على التوظيف والاستخدام والحضور والمشاركة في هذه الوسيلة أو تلك. وبالتالي السيطرة على الخطاب والجماهير في اتجاه أحادي.

هكذا يمكن لك أن تفسر هجومهم على قنوات فضائية -مثلاّ- دون غيرها، بل وصحف بعينها. وأن تفهم أنه وبرغم حجم الجنس في تويتر والفيسبوك أيضاً، إلا أن.. السينما هي المكان المظلم الوحيد الذي يخيفهم لأنها تدخل للعقل والوعي وتؤثر في إعادة طريقة الرؤيا للأشياء من حولنا في هذا العالم.

ومع أنها حق ترفيهي وثقافي اليوم، إلا أن الأسر السعودية مجبرة -في مشهد استثنائي ومضحك- على السفر مئات الكيلومترات لمشاهدة فلم فكاهي أو كرتوني، لمجرد الرضوخ لفكر أو فكرة تقليدية انتقائية، وتحديد الوعي في إطار خطاب أحادي مغلق أصلاً، لم يحقق إلا المزيد من الانغلاق والتطرف والإرهاب.

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب