18-08-2014

الأخطاء الجسام في «ساند» التأمينات

فتحت زيادة «ساند» على ضريبة التأمينات الاجتماعية أبواباً لتناول قضية التأمين الاجتماعي في السعودية، والذي وصل بتلك الزيادة إلى 20%، يُقتطع منها 10% من راتب العامل، لتصبح من أعلى خمس دول في نسبة الاقتطاع لضريبة (التأمين الاجتماعي) من راتب المواطن العامل. والدول الأعلى هي: اليابان ودول إسكندنافيا وبلجيكا وفرنسا..

تشترك تلك الدول في خاصية النظام الاجتماعي الاشتراكي، والذي يوفر ميزات أكثر من فقط التكفل براتب التقاعد. لكن السؤال الذي يفرض نفسه عن التأمينات الاجتماعية، لماذا تبحث التأمينات الاجتماعية عن مزيد من الدخل، في حين أنها تقتطع نسبة عالية نسبياً من راتب العامل؟

قبل الخوض في الأسباب، يجب أن ننوه أن دافعي تلك الضرائب ليس لهم أدني معرفة بما يحدث لأموالهم داخل المؤسسة، كما أن المؤسسة تتصرف بشكل فردي، ودليل ذلك تصريح السيد نضال رضوان رئيس اتحاد اللجان العمالية بالسعودية، إنه تمت استشارتهم من قبل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ومنظمة العمل الدولية في إيجاد نظام للتأمين ضد التعطل عن العمل في السعودية، إلا أنه لم يؤخذ رأي اللجنة في تفاصيل وبنود نظام «ساند».

في هذه العجالة سأتناول الأخطاء الجسام في نظام التأمينات، والذي لا يرى في سوق العمل إلا قلة من المواطنين، بينما تتمتع نسبة عالية من أشكال متنوعة من دخل الفرد بتحرر تام من دفع الضريبة، وتأتي أهم تلك الأخطاء الجسام أن الضريبة الائتمانية تُطبق فقط على الذين يعملون في المؤسسات العامة والشركات العامة والقطاع الخاص، أي أولئك الذين يتحصلون على راتب، ولذلك من السهل تحصيل الضريبة قبل دفع الراتب، في حين أن ضريبة الأمن الاجتماعي يتم تطبيقها في دول العالم المتقدمة على أي دخل للفرد سواء كان راتباً أو دخلاً مستقلاً..

في السعودية تنتشر ثقافة العمل الحرّ، أو أولئك الذين يعملون في البيع والشراء في الأسواق، أو في النقل أو في بيع مواد الخردة أو التمور، أو في تجارة بيع وشراء الحيوانات مثل الأبل وغيرها من المهن الحرّة، وأنظمة دول العالم المتطورة تفرض على هؤلاء أن يقدموا تقارير سنوية عن دخلهم، ومن ثم المشاركة في نظام التأمين الاجتماعي..

لكن يبدو أن وزارة العمل لا ترى إلا الذين يعلمون ويتحصلون على رواتب شهرية، بينما أصحاب الدخل المستقل، مثل أيضاً أصحاب المكاتب العقارية المنتشرة على الأرصفة، وسماسرة الأراضي والمواد الخام لا يظهرون في شاشة وزارة العمل، ويدل ذلك على قصور كبير في أداء الوزارة.

كذلك تدخل أنظمة الهبات في نظام ضريبة الأمن الاجتماعي، وتُقتطع الضريبة الاجتماعية ممن يحصل على هدايا أو هبات سواء من شركته أو مؤسسته أو من أي قطاع، ويدخل ذلك مختلف فئات المجتمع أياً كانوا، ..كذلك يجب أن تفرض على الذين يتحصلون على تراخيص خاصة لاستقدام الماشية أو أجهزة استقبال القنوات الفضائية، وكذلك يجب أن تفرض على الذين يُتاجرون بكفالة عمالتهم أو فيز الاستقدام في سوق العمل.

كذلك أن تفرض أنظمة التأمين الاجتماعي ضريبة على دخل الأجانب الذين يتمتعون بإقامة في البلد، وأن يتم تعويضهم بطريقة ما إذا قرروا الخروج النهائي، وقد كان تأثير إعفائهم عن المشاركة في الضمان الاجتماعي سلبياً على توظيف المواطنين في المؤسسات الخاصة، ومن نتائجه تدني رواتب السعوديين، وحسب احتكاكي بسوق العمل تحظى نسبة مرتفعة من العمال بخاصية العمل الحرّ تحت نظام المؤسسة الخاصة شبه الوهمية، على أن يدفع العامل لصاحبها ضريبة سنوية قد تتجاوز ألفي ريال، على أن يتكفل العامل بتسديد رسوم إقامته وغيرها.

والتساؤل لماذا يتم إعفاء الغالبية من المشاركة في دفع الضريبة!..، ولماذا لا يدفع الضريبة في المجتمع إلا أصحاب الدخل المحدود أو الرواتب؟ وهو ما يستدعي إلى مراجعة النظام، على أن لا تكون مرجعيته وزارة العمل، وأن يتمتع بقدر عال من الشفافية، وإلى مشاركة الجميع بدون استثناء، ثم خفض نسبة الضريبة إلى النصف، وذلك بسبب قلة المنافع وعدم تغطيتها لجوانب أخرى في حياة المتقاعدين، وأن تكون الضريبة تصاعدية بحسب الدخل، وأن يكون هناك حد أعلى، وحد أدنى لرواتب المشاركة في دفع الضريبة، فأصحاب الرواتب المتدنية لا يفُترض أن يشاركوا في دفعها..،

يدل كل ذلك أن وزارة العمل والمؤسسة العامة لا يبصران في نظام العمل السعودي إلا ذلك المواطن الذي لديه راتب، بينما تغض النظر عن غالبية دخل الفرد في سوق العمل السعودي. والجدير بالذكر أن المؤسسة العامة ووزارة العمل استعانتا بمنظمة العمل الدولية، وذلك لإعطاء تفردهما بقرار الزيادة شرعية دولية، وكان من الأفضل أن تُستشار المنظمة الدولية في كيفية تطبيق الضريبة على مختلف مصادر دخل الفرد، وعن أيضاً المنافع التي من المفترض أن توفرها للمشاركين.

مقالات أخرى للكاتب