قصة وفاء الجوار بين الخمعلي والشمري

عياد الخمعلي من قبيلة عنزة، اشتهر بالوفاء وحسن الجوار، وهو من المولعين بالصيد.

نثبت هنا قصته مع جاره أبو ذيب الشمري، فقد كان بينهما صداقة صادقة، كما هي عادات العرب، وقد أصيبت إبل أبو ذيب بالجرب، وكان لعياد قطيع من الغنم، فطلب الشمري من عياد أن يسمح له بالانتقال عنه إلى رفاقه ليساعدوه على طلاء إبله عن الجرب.

فرفض عياد، وقال: أنت جاري ولا يمكن أن نفترق من أجل جرب الإبل، وإنني مستعد لبيع أغنامي كلها لمعالجة إبلك، لأن المسائل المادية لا يمكن أن تكون سبباً في افتراقنا، فطلب منه الشمري أن يذهب بنفسه فقط لرفاقه دون أن ينتقل كليا فسمح له، فلما وصل إلى رفاقه وقص عليهم ما جرى قالوا له: لا يمكن أن تضر جارك بالتعب والطلاء وما يلزم لذلك. فقال لهم: لا أستطيع الانتقال من جوار عياد إلا بإذنه، فذهب قوم منهم إلى عياد وطلبوا منه السماح فطلب منهم عدم إسقاط البيت وهو يرى، وأن يمهلوه حتى يتقي عنهم في مكان بعيد، لأنه لم يكن من السهل عليه أن يحضر انتقال جاره وفعلا تم ذلك، فلما عاد لم يجد سوى مكان جاره والحطب فأنشد هذه القصيدة:

قاد النشير وقمت أميز اعرابه

وتتابعن بالصدر مثل الدواليب

تصافقن بالصدر من حر ما به

وردن كما ورد القطا باللواهيب

يا عمر رقي الرجم ما فيه ثابه

والولف يخلج بالجزم شمخ النيب

من شوفتي للدار ينعق غرابه

ما بقي الا موقد النار وحطيب

بادار يا دار الخطا والخيابة

يا ماقع الحقران والمكر والعيب

طشيتي الخلان طش الكعابة

يا دار يا دار الخطا وين ابو ذيب

والله يالولا الخوف وادرى العتابة

لا اتبع مظاهيره على الكره والطيب

والله يا لولا اللي بمحكم كتابه

لا اصيح من بين العرب واشلق الجيب

من خلقت الدنيا ودور الصحابة

وتركيبة السنة على نوح وشعيب

ومن خلق ضلعانة وبثت ترابه

ماتاتي الرفقة بخرط وتلعيب

الا بشيمات العرب والحبابة

ورخص الحلال بحزته والمواجيب

والى حصل مس الرشا واكترابه

لا اقفيت واستسلمت نفسك عنه عيب

قلته على ما قال متعب ركابه

رايه يحل محلكمات اللواليب

***

* من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية - تأليف منديل بن محمد الفهيد

فهد حمود الشمري - حائل