22-08-2014

العالم ضد داعش

لا أحد مع داعش سوى داعش، فقد كانت المملكة العربية السعودية قد صنفتها منظمة إرهابية، قبل أن يتلاحق العالم في العمل ضدها، وكانت خطواتها السريعة والجريئة، وقدرتها على احتلال الموصل وتوسعها في سوريا، ثم اندفاعها نحو الشمال إيذانا بان لديها قدرات حصلت عليها بذاتها ومن سيطرتها على العتاد الذي استولت عليه من الجيش العراقي وقبله السوري، وكذلك ما لدى بعض المنظمات والجيوش المتناثرة في الأرض السورية.

كان اندفاعها إلى الشمال العراقي واستيلاؤها على الأرض، وقربها من أربيل نذير شؤم عليها، حيث أيقظت العالم وجعلت زعيمته الولايات المتحدة تعزم أمرها وترسل طائراتها لتحد من تقدمها، ومن بعد ذلك تقهقرها إلى الخلف، لتخسر الكثير مما استولت عليه، وتعود أدراجها، وقد استمر الأمريكان في رمي قنابلهم على رؤوس داعش، وعلى معداتها، فسهل على مجموعات البشمركة الزحف وتخليص سد الموصل من أياديهم.

لقد صاحب ذلك التقدم الداعشي في الموصل سقوط المالكي من كرسيه الوثير، والذي ظل متمسكاً به وظاناً أنه سوف يبقى عليه حتى يفنيه، وكانت داعش عاملا مساعدا إلى أن يلتفت أعوانه عليه، وينظرون إليه ثم يتولون عنه مخلفينه وراء ظهورهم بعد أن اتضح لهم أنه قد جعل المنطقة على بركان ساخن، وأنه أساء إلى العراق الأرض، وإلى قلوب العراقيين بدلاً من السعي لتآلفهم وتضامنهم، سقط وانتهى، وستلحقه داعش رغم أنفها، بعد أن صدر القرار الأمريكي أولاً، والأممي ثانياً، وفيما يبدو أن العشائر السنية ستسل سيوفها، وتجهز فدائييها للمساعدة في القضاء على داعش، كما أن الحاضنة الشعبية التي كانت ساخطة على المالكي أضحت الآن في حل من ذلك، ولهذا فإن نجم داعش في أفول، وربما يكون سريعاً وقريباً بسرعة بزوغها واستيلائها على الأراضي، وستظل الأسئلة قائمة فيما يخص وجودها في سوريا، التي نشأت منها وما زالت قوية فيها.

أعتقد أن العالم لن ينتظر كثيراً حتى يرى داعش قد ولت، ونتمنى أن يكون ذلك إلى غير رجعة. لكن سيبقى فكرها قائماً إذا لم تتم محاربته بنفس القوة والتكاتف الذي تم به محاربتها في ساحة الوغى.

والسلاح الذي يستخدم لمحاربة أفكارهم، هو الكلمة والقلم والتلفاز والمذياع، ووسائل التواصل الاجتماعي المتاحة، ولا بد من القناعة الذاتية حتى تكون ألكلمه مؤثرة، وفاعله وقادرة على طرد الأفكار المعششة في عقول غريبة وعجيبة.

اليوم أهالي الموصل يعيشون في رعب، ونقص في المأكل والمشرب والخدمات، وما زال هؤلاء الداعشيون غالبين على أمر السكان الضعفاء، ولكن عند انطلاق أول شرارة نحو إزالتهم فسوف يكونون أكثر حرصاً على إبعادهم، فهم الأكثر تضرراً من وجودهم، تضرراً طال المال والعرض والفكر.

عندما يتطرف الإنسان في فكره لم يعد يستخدم عقله، إنما يصبح أسير ذلك التطرف، يقوده كيفما شاء ومتى ما شاء ليرمى به في ظلام دامس، لا يبصر النور إلا إذا جاء من يبصره بالحق، ولهذا كان لزاماً على الجميع التضافر في تصحيح المفاهيم الظلامية، والقضاء على جذورها من المنزل والمرحلة الابتدائية.

لذا فإن على رجال التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي مسؤولية كبيرة جداً، لا سيما في هذه المرحلة الحساسة من حاضرنا.

الفكر الداعشي عليه ألا يبقى، وعليه أن يحرم من الرضاعة، وهذا يعني إنماء جيل جديد خال من ذلك الظلام، واستبداله بفكر المحبة والوئام.

ولعلنا نكون أكثر إنصافاً لو قلنا إننا ما زلنا آباء وأمهات ومعلمين ومعلمات مقصرين في الجانب التربوي، حريصين على الجانب التعليمي وحسب.

حمانا الله وإياكم، وحفضنا من كل مكروه، وأتم نعمه علينا ظاهرة وباطنة، وألهمنا المساعدة في أمن وطننا وكفانا شر الأشرار.

مقالات أخرى للكاتب