22-08-2014

مدن المتوسط

المتوسط الذي يعانقه شمال بعض بلادنا العربية في القارة السمراء، يسافر موجه ليصافح شطآن مدن الريفيرا الفرنسية المقيمة على الجزء الآخر منه، وهو في شماله له حكاية أخرى، مع الشطآن المرصوفة بالبشر القادمين من كل مكان يصطلون بالشمس ويستعيرون سمرتها، ومع المراكب المقيمة وتلك القادمة تعانق البحر والبر في رحلتها من مرفأ لمرفأ، ومن مدن تتقارب حدودها وتختلف ألوانها وثقافتها وطقوس عاشقيها أيضاً، أولئك الذين يعشق بعضهم شواطئها، وآخرون استعراض أزيائهم ومراكبهم، وآخرون تستهويهم رفقة الشمس وماء البحر أو المشي على تلك السواحل الطويلة المهيأة للمشاة.

لهذه المدن مواسم صخب تمتلئ فيها بزائريها وما تلبث بعد شهر أغسطس من كل عام أن تعود لهدوئها ونمط الحياة الهادئ، المتوسط عصب الحياة وهو الإطلالة الأبهى للمباني التي على الشواطئ أو لتلك التي على كتف الجبال المحيطة بالمدن والتي يشكل ما حولها من نوافذها الكبيرة و(بلكوناتها) المطلة لوحة غاية في الجمال تتحف ساكنيها.

المقاهي في هذه المدن لا تقل أهمية وانتشارا عن المقاهي الباريسية، تلك التي تتحول إلى مطاعم في أوقات محدودة ظهرا ومساء وأشهر أطباقها السمك والبيتزا المستوحاة من جارتها القريبة إيطاليا، وعبر القطار الذي هو عصب فرنسا وسويسرا يمكن أن يكون وسيلة التنقل الرئيس بين المدن التي تعانق المتوسط مثل كان، نيس، سانت روبيز، مارسيليا وسانت مكسيم.

بين العاملين في العقار والمقاهي والمحال وبكثرة تجد العرب المغاربة (من تونس والجزائر والمغرب) الذين سرعان ما يحدثوك بالعربية الممتزجة بالفرنسية وأنت تتوق لتعرف منهم أشهر المطاعم والأماكن التي قد تزورها في المنطقة.

لكل مدينة حكاية وسحر تختلف عن جارتها القريبة منها في الريفيرا الفرنسية والمقاهي لها ألف حكاية وحكاية مع كتاب عرب كانت لهم نافذة إلى البحر والحبر.

***

وداعا سميح القاسم

هناك مقولة شهيرة لجان كوكتو» لا تبكوا هكذا، بل تظاهروا بالبكاء، فالشعراء لا يموتون بل يتظاهرون بالموت فقط» وهذه العبارة قد يكون فيها بعض العزاء بعد رحيل الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، الذي خسرته فلسطينه في وقت عصيب خسرت فيه الكثير من أبنائها في عدوان لم يرحم للعدو الصهيوني على غزة.

«يا عدو الشمس إني لن أساوم ولآخر نبض في عروقي سأقاوم» وقد كان القاسم مع الشاعر الكبير محمود درويش من شعراء المقاومة وإن اختلفت السبل والطرائق الشعرية، كانا رفيقا الحياة والشعر والمقاومة واليوم رفيقهما الموت الذي لم يغيبهما عن الحضور في الذاكرة العربية.

رحم الله سميح القاسم وألهم وطنه الحياة التي يستمدها على ضفاف الشعر والمقاومة والصبر.

من آخر البحر لسميح القاسم

نازلاً كنت: على سلم أحزان الهزيمة

نازلاً .. يمتصني موت بطيء

صارخاً في وجه أحزاني القديمة:

أحرقيني ! أحرقيني .. لأضيء!

لم أكن وحدي،

ووحدي كنت، في العتمة وحدي

راكعاً .. أبكي، أصلي، أتطهر

جبهتي قطعة شمع فوق زندي

وفمي.. ناي مكسّر

mysoonabubaker@yahoo.com

Mayabubaker@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب