23-08-2014

المشتقات المالية.. البيع على المكشوف.. المتاجرة بالهامش

هذه التسميات تسمى اليوم بالهندسة المالية. والبعض يسميها بالمشتقات المالية، والبعض يسميها بالبيع على المكشوف، والآخر بالمتاجرة بالهامش، والبعض

يسميها بالمستقبليات، لكن في النهاية اقتنع الغرب بعد الأزمة المالية بأن الهندسة المالية الذين يمارسونها فاسدون أخلاقياً؛ ويجب ثنيهم عن مواصلة أعمالهم، بل إن البعض لم يكتفِ بالمنع، بل يطالب بالتشهير بأعمالهم الشنيعة بعدما وصلت قيمتها عشرة أضعاف الناتج المحلي العالمي، إلى 700 تريليون دولار. وبكل المقاييس فهو رقم ضخم، وكان القنبلة التي انفجرت وتسببت في الأزمة المالية عام 2008. وهناك تقارير صدرت من الولايات المتحدة بأن المشتقات المالية هي الأسرع نمواً من بقية أشكال المعاملات المالية الأخرى. وفي الولايات المتحدة بمفردها كانت قيمة المشتقات المالية عام 1995 نحو 20 تريليون، بينما في عام 2011 قفزت إلى 248 تريليون دولار، أي تبلغ نحو 17 مرة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة البالغ 15 تريليون دولار. و82 في المائة من هذه العقود عقود فائدة.

فعقود المشتقات ليست حديثة، بل قديمة تاريخياً. وعقود المشتقات هي عقود يشتق اسمها أو قيمتها من قيمة أداء العوامل السوقية. وتستند أسواق المشتقات إلى خمسة أنواع من الأصول المالية، وهي مشتقات معدل الفائدة ومشتقات النقد الأجنبي ومشتقات الائتمان ومشتقات الأسهم ومشتقات السلع.

وقبل الأزمة المالية استخدم هذا النوع من قِبل 90 في المائة من الشركات الكبرى حول العالم، ليس فقط من قبل المؤسسات المالية لإدارة مخاطر الأعمال فيها، وكذلك إدارة مخاطر الاقتصاد الكلي، مثل تجنب آثار تقلبات معدل الصرف أو معدلات الفائدة على أعمالها.

وبدأ يقتنع الغرب بأن البيع على المكشوف هو بيع شيء لا يملكه البائع، الذي نهى عنه الإسلام، واعترفوا بأنه يسبب إرباكاً للأسواق ولكثير من الناس، حتى لو كانت الآليات المستخدمة في تحديد سعر البيع والاتفاق على تاريخ التسليم ومصادر الأصل في مكان آخر أمراً شائعاً في جميع أنواع التجارة، لكن العالمين ببواطن الأمور يدركون أنه مجرد استغلال للأسواق المالية للمراهنة على أن الأسعار ستنخفض، ويُنظر إليه على أنه مريب أخلاقياً، وفي الدين الإسلامي يسمى ببيع النجش، أي البيع الصوري وليس الفعلي. ولكن أوجد الإسلام البديل لمواجهة المخاطر ببيع السلم الذي هو عبارة عن خليط بين توفير سبل التمويل وتحفيز الإنتاج، بينما نموذج البيع على المكشوف يقود إلى التلاعب في الأسعار التي لا تخضع لمجريات السوق الحقيقية، وضحاياهم الفقراء والسوق الحقيقية.

والتحايل في هذه الطريقة في وجود السمسار الذي يحتفظ بالقيمة، الذي نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - للتلاعب، وخصوصاً بأسعار السلع الغذائية. وفرض الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن تصل السلع إلى السوق، وتخضع لأسعار السوق، وليس لأسعار السماسرة. والبيع هنا لم ينتهِ، فهو انتهى من طرف واحد، ولم ينتهِ من الطرف الآخر؛ لأن الوسيط يحتفظ بالأصل المشترى لديه كرهن حيازي ضماناً لسداد المشتري القرض والعمولة والفائدة، ويسجل الوسيط الأوراق المالية المشتراة باسمه، وهي معاملة معقدة ومكونة من العديد من الجوانب والعناصر، وهي لا تُعتبر معاملة قائمة بذاتها، إنما تعتبر عنصراً من عناصر معاملة تسمى بالعقود المستقبلية كما في بيع السلم.

Dr_mahboob1@hotmail.com

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة

مقالات أخرى للكاتب