24-08-2014

الأغاني النبيلة!

في أغنية تنضح وطنية وصدقاً وعاطفة جياشة، بكى فيها الفنان لطفي بوشناق، وأبكى جماهيره الذين تفاعلوا مع كلماتها التي تقول:

ما أخاف الفقر لكن كل خوفي من الضباب

ومن غياب الوعي عنكم، كم أخاف من الغياب

أنا حلمي كلمة وحدة يظل عندي وطن

لا حروب، لا خراب، لا مصائب، لا محن

خدوا المناصب والمكاسب لكن خلو لي الوطن

***

يا وطن وأنت حبيبي وأنت عزي وتاج راسي

أنت يا فخر المواطن والمناضل والسياسي

أنت أجمل وأنت أغلى وأنت أعظم من الكراسي

ورابط الأغنية كاملة:

http://www.youtube.com/watch?v=KSgoM4cDayU

وهذه الأغنية بالذات تنبذ الحروب والتكالب على الكراسي والبحث عن الرئاسة، وتدعو للسلم. وحين أشير إليها وللأغاني أمثالها فأنا أعني الأغنية ذات الكلمات الراقية التي تحمل هدفاً نبيلاً ورسالة إنسانيةً واضحة، يطرّز كلماتها شاعر حساس، ويلحنها موسيقار رقيق، ثم يغنيها فنان ذو صوت رخيم؛ ليوقظ فيها مشاعر إنسانية، ويحركها نحو الفضيلة والعفاف بعيداً عن الإسفاف والانحدار والهبوط، وأجمل منها ما تخدم القضايا البشرية بمعناها الواسع، وتدعو الناس للتسامح والحصول سلمياً على حقوقهم ورفع الظلم عنهم وإحلال العدل. كما يحسن استثمارها لتمتين العلاقات بين الشعوب، وتجسيد قيم الاحترام والمساواة وحوار الحضارات.

وينبغي أن تكون الأغنية مرآةً ثقافية وتربوية وحضارية، وليست طرباً وترفيهاً أو تسلية. ولكي تصبح كذلك ينبغي الالتزام والبُعد عن الأدلجة والسياسة والتحيز والتحريض، ويكون هدفها الإنسان والسلم الفردي والجماعي في القلوب والنفوس.

وبرغم أن الأغنية عادة وسيلة للتعبير عن مشاعر عاطفية أو وطنية فإنها تعدُّ أيضاً إحدى طرق تكوين الاتجاهات والقيم والمثل العليا، وبخاصة للأطفال، عدا أنها وسيلة للسمو بحس الطفل الفني وذوقه الأدبي، فضلاً عن أنها تمده بثروة لغوية وفكرية، تعينه على إجادة التعبير. وحبذا لو تم توظيفها للتوعية والإرشاد ونشر الوعي وتقوية اللحمة الوطنية والاجتماعية وتأصيل سلوكيات مهمة، مثل الآداب العامة والتعامل مع الناس والنزاهة والصدق والنظافة والبر بالوالدين واحترام المعلمين والالتزام بإشارات المرور والإحسان إلى الحيوان وحب الطبيعة وكره العنف والتسلط.

ولا بد أن تكون الأغنية قصيرة العبارة، متجانسة مع الألفاظ، غنية المعاني، واسعة الخيال، مثيرة للعواطف الوطنية والإنسانية، ذات أهداف سامية وألفاظ عفيفة، وحينئذٍ نستمع لأغانٍ نبيلة وراقية، ويُرفع عنها الجدل الدائر بحرمتها أو كراهة الاستماع لها!

rogaia143@hotmail.com

Twitter @rogaia_hwoiriny

مقالات أخرى للكاتب