27-08-2014

صواريخ القسام

إن كتائب القسام في معركة العصف المأكول استطاعت أن تربك الجيش الإسرائيلي. فقبل أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من غزة كان أطفالها يقاومون الجيش الإسرائيلي بالحجارة وجهاً لوجهٍ مباشرة دون فاصل بينهما، واليوم دخل الحصار المفروض على غزة عامه الثامن، وخلال هذا الحصار الظالم استطاعت كتائب القسام تطوير سلاحها من الحجارة إلى صواريخ تضرب القدس وتل أبيب، وهو إنجاز عظيم لا يستهان به في ظل الحصار الخانق المفروض عليهم، بالمقارنة بما يفعله جيش بشار الأسد من البراميل المملوءة بالمسامير والبارود التي يقذفها بالمروحيات فتنفجر في المدنيين على الأرض، وصواريخ القسام قابلة للتطوير من حيث طول المدى وحجم المقذوف وإدخال نظام التوجيه والتشويش الراداري لضمان إصابة الهدف بدقة شديدة، ولا يستبعد من خبراء صواريخ القسام تحقيق مزيدٍ من التطوير خلال الثماني سنوات القادمة، وهو الخطر الحقيقي الذي تخشاه إسرائيل التي عُرف عنها حساب المخاطر في إطار إستراتيجي طويل الأمد، لذلك من المؤكد أن إسرائيل ستعمل جاهدة على تسخير كل قدراتها العسكرية في سبيل القضاء على ترسانة صواريخ كتائب القسام، ولن تتوانى عن ملاحقة كوادر القسام والقضاء عليهم لقدرتهم الفائقة على الابتكار والتطوير لتلك الصواريخ. وإسرائيل تعلم أن الإرادة الفلسطينية في غزة عصية ومن الصعب كسرها لذلك تقوم بين آونة وأخرى بشن حرب على غزة تهدف إلى ما يسمى عسكرياً (بالحلاقة) نسبة إلى تقصير الشعر كلما زاد طوله، وإستراتيجية إسرائيل ليست تدمير غزة بالكامل، وإنما تدمير الحلول التي يبتكرها أهل غزة وتساعدهم على استمرار العيش تحت قبضة الحصار الخانق وبراثنه، وأولها الحلول العسكرية التي نتج عنها صواريخ القسام طويلة المدى الذي تجاوز 150 كم. وهي صواريخ منسوخة من الطبعة الإيرانية حيث سبق أن صرح خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس أن عناصر كتائب القسام أصبحت تمتلك القدرة على تطوير تلك الصواريخ بعد أن تلقت التدريبات في إيران، وخبراء صواريخ القسام اليوم يمتلكون خبرات عالية لا تقدر بثمن، وثانيها القدرة على الابتكار والتطوير رغم محدودية الإمكانيات وانعدامها بسبب الحصار المفروض عليهم، وثالثها التطبيق العملي خلال معاركهم مع إسرائيل وآخرها معركة العصف المأكول، وهذه المؤهلات المتميزة والنادرة يجب الاهتمام بها وعدم التفريط في أصحابها، كما يجب الاستفادة منهم عن طريق استقطابهم وتوظيفهم فمشروع إستراتيجي طويل الأمد، كما في الحرب العالمية الثانية فبعد أن أرسل الحلفاء القادة العسكريين الألمان إلى المحاكمات العسكرية، تقاسموا بينهم علماء وخبراء الصواريخ الألمانية فأخذت كلٌّ من روسيا وأمريكا النصيب الأوفر وحصة الأسد من هؤلاء العلماء والخبراء، ومنهم المهندس الألماني وينر فان برون، العقل المدبر لصاروخ ساتيرن الشهير الذي حمل مركبة أبولو الأمريكية إلى القمر، ومن هؤلاء العلماء تشكلت لدى الحلفاء النواة الأولى لبرامج الصواريخ التي تطورت وأصبحت فيما بعد صواريخ باليستية عابرة للقارات، لذلك لن تتوانى إسرائيل عن محاولة القضاء على كوادر القسام أصحاب الخبرات الصاروخية فمن ناحية يمتلكون خبرات خاصة في الصواريخ الإيرانية ويشكلون خطراً على مستقبل إسرائيل، ومن ناحية أخرى لديهم ملكة الابتكار في أحلك الظروف الاقتصادية وأصعبها، ويمتلكون قدرات خارقة للعمل والإنتاج وهم في قلب الخطر، كما يمتلكون أيضاً خبرات حربية فريدة تستطيع العمل على ظهر الأرض أو في باطنها، وجميع هذه المؤهلات العالية والكفاءات النادرة فرصة ذهبية لمن يبحث عن الاستقطاب لتوظيف الموارد البشرية الملائمة التي تختصر الوقت وتوفر الجهد في سبيل الوصول إلى الأهداف المرسومة ومنها مشروع إستراتيجي واعد يحقق قوة الأمة مستقبلاً في مجال صناعة الصواريخ.

الخلاصة:

إن المبادرات الإستراتيجية التي منها: إدارة المواهب والاستقطاب، والاندماج، والاستحواذ، والتنوع والشمول، جميعها عناصر لإدارة الموارد البشرية التي منها يتكون رأس المال البشري (وهو مصطلح حديث لا تقل أهميته عن رأس المال النقدي) كما تُعد هذه الموارد البشرية مشروعاً إستراتيجياً يجب الاهتمام به وأن يؤخذ بعين الجد والاعتبار.

khalid.alheji@gmail.com

Twitter@khalialheji

مقالات أخرى للكاتب