معرض لمجموعة من الطوابع الفضية النادرة عن مكة المكرمة

تحقيق: كيرا ميشيرينا، محررة بمجلة «آسيا وأفريقيا اليوم» العلمية الروسية بموسكو.

ترجمة: د.محمد الجبالي، أستاذ اللغه الروسية وآدابها بجامعة الملك سعود

***

من منا لم يهو جمع الطوابع البريدية في صغره؟ فهي من أكثر الهوايات اجتذابا للإنسان. ويعتقد أن هواية جمع الطوابع قد بدأت منذ ظهور الطوابع البريدية في منتصف القرن التاسع عشر. غير أن الهواية أحيانا تتحول إلى نوع من الفن. وقد تأكد ذلك لمراسلتنا الذي قام بزيارة لمعرض أقيم في المتحف الوطني لفنون شعوب الشرق بموسكو يحمل عنوان: «مكة في الطوابع الفضية في دار المسكوكات بموسكو». وقد أقيم المعرض في الفترة من 11-27 يوليو 2014م. وقد قام على تنظيم المعرض شركة WT الروسية التي تعمل في مجال إبراز الأعمال الفنية النادرة في شكل جديد لم يسبق له مثيل في العالم من قبل. كما ترعي وزارة الثقافة الروسية المعرض. وقد قام العديد من سكان العاصمة الروسية موسكو وزوراها بزيارة المعرض.

وقد قامت دار المسكوكات بموسكو والتابعة لوزارة المالية الروسية في عام 2013م بتجهيز المجموعة النادرة من الطوابع. حيث تتألف من 40 طابعا فضيا عيار 999 تصور الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية، البلد الذي يعد قبله المسلمين في العالم، وكذا الكعبة المشرفة المكان الذي يحجون إليه كل عام. وهي مجموعة يتمنى أي جامع للطوابع أن يتوفر عليها.

وترجع أصول هذه المجموعة إلى طوابع صدرت في 24 دولة إسلامية منها أفغانستان والجزائر وبنجلاديش والعراق والكاميرون والكويت وليبيا وموريتانيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية واليمن وغيرها.

وقد ظهرت فكرة تنظيم هذا المعرض في عام 2006 بعد قيام دار المسكوكات بموسكو بإصدار «القرآن الذهبي» والذي كان عبارة عن 162 صفحة من الذهب من عيار مرتفع. ويعد النسخة الوحيدة في العالم من المخطوطة الإسلامية القديمة «مصحف عثمان» الصادرة في القرن الثامن. وقد تم اختيار المجموعة بإمعان. وتم إصدار الطوابع الجديدة بنفس الحجم والدقة وهو الأمر الذي يتطلب مهارة واحترافية عالية. حيث يبلغ سمك الورقة أقل من 0.1 ميليمتر. وقد استغرق العمل في تحضير هذه المجموعة أكثر من 3 سنوات كاملة وقام عليها مجموعة من الفنيين والعلماء والخبراء والمصممين والنحاتين. وهو الأمر الذي ساعد في الحصول على جودة ودقة عاليتين.

ويتحدث المدير العام لشركة WT فلاديمير بروساكوف عن المعرض وهذه المجموعة النادرة قائلا: «إن الأمر المميز في تحضير هذه المجموعة يتمثل في إنه تم عمل ماكيت لكل طابع على حدة. ويبلغ حجم الماكيت أضعاف الحجم الطبيعي للطابع. ثم يتم تعريض النقش البارز لأشعة الليزر ومن ثم يتم صك الطابع الجديد. وبفضل المعدات الحديثة ودرجة النقاء العالية لمعدن الفضة المستخدم استطعنا الحصول على ما يشبه المجوهرات والتي ليس لها مثيل في العالم. كما استخدمت تقنية جديدة لإنتاج الصحائف الرقيقة.

وقد تم التواصل مع اتحاد جامعي الطوابع الروسي وكذا الهواة من الأشخاص في روسيا والعالم قبل اختيار المجموعة المذكورة».

وكان من الصعب لمراسلتنا التقيد بهذا العدد حيث توفرت مجموعة كبيرة من الطوابع الرائعة والمختلفة والفريدة. غير أن المجموعة المختارة تتشابه في كونها تصور الأماكن الإسلامية المقدسة».

وقد جاءت مجموعة الطوابع السعودية المعروضة على أشكال متعددة فمنها المستطيل ومنها المربع وبيضاوي (طابع موريتاني).

وقد صدرت الطوابع الأصلية في أعوام وسنوات مختلفة. ويعود أقدمها إلى عام 1965م وصدر بالمملكة العربية السعودية.

وفي خلفية هذه النسخ الفضية نرى أحيانا أسماء البلدان التي صدرت بها وفي أحيان أخرى نقرأ آيات من القرآن الكريم. وتقول مصممة المجموعة مارينا فدوفتشينكو أن اهتمامهم الأكبر انصب على كتابة الأحرف والأشكال على الرقائق الفضية وقد تم ذلك كله بشكل يدوي.

ومن الصور التي نراها على الطوابع الفضية السعودية صورة الحجر الأسود بالكعبة المشرفة وصورة لبئر زمزم وصور للحجاج. وهناك طابع سعودي يعود إلى عام 1985م نرى خريطة لطريق سريع يربط بين مكة والمدينة.

وفي طابع آخر(1989) نرى لمشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة وعمارة المسجد الحرام.

وعن أهمية المعرض والمكانة التي يحظي بها ضمن أنشطة المتحف صرحت نائبة المدير العام تاتيانا ميتاكسه قائلة:

«تعد هذه المجموعة من الطوابع السعودية أول تجربة من نوعها في متحفنا. لم يسبق وأن أقمنا معرضا للمجوهرات من قبل. استطيع القول إن مجموعة الطوابع الفضية التي تصور مدينة مكة المكرمة قبلة المسلمين في العالم تعد قيمة فنية وحرفية كبيرة وأصيلة. وتؤكد على توافر صناع وفنانين مهرة في روسيا وأقصد بهم العاملين في متحفنا. ومن الأمور التي تبعث على السعادة أننا نعرض ونصور تراث ديانة عظيمة يعتنقها عدد كبير من سكان العالم. والملاحظ أن المعرض قد افتتح أثناء شهر رمضان المبارك وهو شهر له قدسية خاصة عند المسلمين.

.ونأمل في أن يستشعر كل زائر و خاصة العارفين بهذا الفن قيمة هذه المجموعة النادرة و الفريدة»

وهذه هي المرة الأولى التي ينظم فيها مثل هذا المعرض في موسكو. حيث كانت المرة الأولى الصيف الماضي بتتارستان و تحديدا في متحف العمارة التاريخية «كريملين كازان» وكذا في مجمع «بلغار» للعمارة والتاريخ. ويقول المنظمون أن هناك نيه لتنظيم هذا المعرض أيضا في القرم في متحف باختشي ساراي الثقافي والتاريخي.

وهناك توجه لصناعة و إنتاج طوابع بريدية باستخدام خامات كثيرة غير الورق. وتنتشر هذه التقنية من بلد إلى آخر. فهذه سويسرا تصنع طوابع بريدية من الشيكولاته في عام 2001م. كما قامت بولندا بإصدار طابع من الحرير عام 1958م. وقامت انجلترا بإصدار طابع من الخشب المأخوذ من السفينة البريطانية الغارقة فيكتوريا أثناء حرب ترافالاج منذ 200 عام. و من المعروف أيضا ان هناك طوابع على شكل اقراص حاسب آلي أو ما يعرف بالسيديهات البريدية.

ولا شك أن الطوابع الفضية السعودية التي تم عرضها بنجاح هذا العام في المتحف الحكومي لفنون شعوب الشرق تمثل مصدر سعادة لكل الهواة ومحبي جمع الطوابع وكذا محبي فنون المشغولات الفضية و الفن المعاصر.