30-08-2014

المؤسسة الإعلامية.. لعل أن تفعل..!!

لعل في كل الذي يشاهد ما يدعو لأن تتفكر المؤسسة الإعلامية العربية المسلمة في سبل مستجدة لكبح سيل تمتد ألسنته للصغير قبل الكبير في مجتمعاتها..

إذ ينبغي نفض إضبارة برامجها، وبسط أوراقها، وإعادة قراءة واعية لبنودها، ومن ثم حذف، وإضافة، وتعديل مضامينها، ومحتواها إن لم يكن كله، فجلُّه..

هناك أجيال في مجتمعاتها ربيت على اتجاه بوصلة دينها، فكانت تعرف أن القلوب إذا كلت عميت، بمثل ما عرفت أن النائم عن صلاته غافل.. وأن حامل السلاح على أخيه قاتل.. وأن هناك عيناً جليلة ترى، لرب واحد يعاقب ويثيب.. وأن القلوب تهفو لمرضاته، بمثل ما تحدث بنعمه في حياتها، وأوقاتها.. لأنها منوطة بالاعتدال.. لا بالارتكان، لا تفريط، ولا إفراط في دقيق الأمر، وعظيمه..

يحدُثُ هذا في البيوت، وفي الجيرة، وفي المدرسة، وفي الطريق، ويُحَدَّث عنه على رؤوس أقلام أدبائها، ومفكريها، ومعلميها، ومربيها، يوم كان الصدر ماعونا للفضائل، والعقل للفكر الجميل، ومن ثم السلوك الفعل الحيي، والقيمة الخلقية، كانت شواهده حدب الجار، ومحضن المعلم..

أجيال ما كان يعمها ضلالة التفريق، ولا انحياز الطائفة، ولا ضغينة التشدد..

حتى اختلت الأدوار على مرأى، ولعبت المؤسسة الإعلامية دور الركيزة بجميع قنواتها، وأنماطها، وسبلها، ومسؤوليتها عن الفضاء الفكري، وبما استجد من بعد من الفضاء الافتراضي بشكل وبآخر..

إذ بات لزاماً على هذه المؤسسة مع تواتر المشاهد والمؤثرات، وتعددية الأصوات والأدوار، وكثرة المؤثرات والعوامل، أن تعيد الكثير الكثير من حساباتها فترسم خططاً واعية واضحة لمواجهة المتغيرات يكون بعضها تطهيرياً، وبعضها وقائياً، وبعضها ترميمياً، وآخر لازماً لمقتضى المشهد، تأسيسياً لما انتقض من أبنية كان لا بد ألا تنتقض حول هذا الجيل، بل من يتعايشون معه ويجايلونه، ومن ثم من سيأتي من بعده..

أي نعم هناك قوامات لا تزال متماسكة لكنها قليلة، ومعرضة لهذا السيل، وكثيراً ما ينبغي أن تبذل هذه المؤسسة لفعل الكثير من أجل أن تقول بسطور واضحة للعيان إن هذه الأمة أمة الخيرية، وهي التي جاء بخيريتها القرآن الكريم، أي قول الخالق العظيم وليس واحداً من البشر، وبهذا فلا من يجرؤ على نقض هذه الخيرية.. وأن كل ما عدا خارج من سلوك موسوم به من ضل طريق خيرية دينه وسلامة نهجه..

من أجل ذلك لا بد من إعادة الكلام لأفواه الناطقين، ورد الفعل للفاعلين، ونقض النسيج للباسطين الذين يدعون إرهابية الإسلام، ومن ثم يتخبط الناشئة فيما يتلقون، ويتأثرون بمن لا يخبرون، ويميلون لما لا يجعلهم مستقيمي القدم.. مكيني الجِنان..

المؤسسة الإعلامية حين يكون نهجها الاعتدال على بينة وثقة وتمكن، يكون بما تقدمه، وله دور البناء، والتأسيس، ودرء كل ما يمكن أن يخدش، ونقض كل ما يهب مع الريح، أو يتسلل مع السيل..

عليها ببرامج هادفة بناءة، وحوارات فاعلة، وواعية، وأفكار نيرة، ومعتدلة، وصياغات عميقة، وجاذبة، وعروض مشوقة، ومؤثرة، التخلص من التسطح، بتقنين أهداف القفز على الضد، والتمحور في القيمة..

إنه وقت الإعلام الواعي اليقظ الواثق، إنه وقت الارتفاع عن مستوى الطمي، والتطهر من وسم التقليد، وإنه وقت الهوية الفاعلة ضوابطها لأن تقوم المؤسسة الإعلامية باحتواء واعٍ لجميع شرائح المجتمع، وتخليصها من آثار لحقت بها من طيوف أغبرة، وبروق جاذبة، وإرادات همها التشكيك في سلام الإسلام، ومحجة سِلْمه، ووضوح غاياته، ونبل مقاصده..

ليستبين للأجيال أن جلَّ ما يحدث هو ممن لم يفهموه فوصموه، ومن لم يتيقنوا منه فأفسدوا الرأي فيه، ومن لم يعرفوه فجهلوا التعبير عنه..

في هذا الوقت، المؤسسة الإعلامية هي الأولى المعنية بسمعة الأمة الإسلامية، صحيحة الأركان، صافية الأفعال، واضحة الأقوال، ونقاء طريقها، واعتدال قانونها، وإنسانية قوامها، ورحابة صدرها، ورفعة اختيارها، بنور بارئها..

في هذا الوقت المؤسسة الإعلامية مكلفة بما ينبغي لمواجهة الكثير الذي يتدفق من طمي يذر في عيون العالم لطمس جمال رسالة هذه الأمة، وريادة دورها في إشاعة السلام، ونشره، وتمكينه، لا هتك الأرض والفتك بإنسانها..

هي قبل غيرها هذه المؤسسة معنية بالمواجهة، وبالتطهير، وبالإثبات..

ولعل مؤسستنا الإعلامية من بين جميع مؤسسات الإعلام العربي أن تنهض بهذا الدور، إلى جانب دورها، فتكون أولى المؤسسات العربية نهجاً، وتنفيذاً لخطط فاعلة، ومنهج متين، وتطوير يليق بالمرحلة.

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب