03-09-2014

سِمة وتقريرها الائتماني: حقوق المستهلك المهدورة!

من من المستهلكين الذي يعرف حقوقه كمستهلك فيما يخص تقريره الائتماني، انطلاقاً من رؤية الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سِمة)؟! والتي يوضح موقعها على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، بأن أحد أهدافها السبعة وأولها، هو» نشر الثقافة الائتمانية في المجتمع بكافة أطيافه سواءً للأفراد أو المؤسسات». هدف جميل،

تمت ديباجته بطريقة يعتقد من يطلع عليها بأنه تم تطبيقه على أرض الواقع فعلياً. ولكن الحقيقة التي لا غبار عليها، هي أن غالبية المستهلكين في المملكة لا يعرفون الدور الذي تقوم به سٍمة ولا آليات عملها، إلا بعد أن ترميهم الأقدار وبطريقة الصدفة المحضة وعند تقدمهم للحصول على قرض ليفاجئوا بأن أسماءهم مدرجة على قائمة سِمة السوداء للمتعثرين في سداد مستحقات سابقة. صفحة سِمة على الإنترنت تُشير بأنها أنشئت عام 2002م من قبل عشر بنوك تجارية تعمل في المملكة، وبأنها باشرت عملها فعلياً بدءاً من عام 2004م، وبإشراف مباشر من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي). عليه فإن سِمة لها في سوق العمل عشر سنوات، مدة كافية بأن يكون الجميع على دراية كاملة فيما يخص تقريرها الائتماني الذي يلعب دوراً أساسياً في أحقية المستهلك في الحصول على قرض أو خلافه داخل المملكة، وفي فترة لن تكون بعيدة في كافة دول مجلس التعاون الخليجي للدول العربية.

قد يجزم المرء بأن غالبية المستهلكين ليست لهم لا الدراية أو الاطلاع عن الكيفية أو الأسباب التي تؤدي في نتيجتها النهائية إلا إدراج أسمائهم ضمن قائمة سِمة السوداء للمتعثرين. هنا تساؤل في غاية الأهمية والموضوعية، كيف يمكن لجهة غير رسمية، بمعنى أنها شركة خاصة أن تضع اسم مستهلك ضمن قائمتها الائتمانية كمتعثر عن السداد بدون علمه الشخصي، أو على أضعف الإيمان أن يكون مطلعاً على الأسباب التي تؤدي لذلك؟! ولعل الأدهى والأمر هو أنه يتم وضعه في القائمة بعد أن يسدد مخالفة التأخير في الدفع. ومثال ذلك إذا تأخر مستهلك يحمل بطاقة ائتمان عن تسديد قسط مستحق عن بطاقته الائتمانية، يتم حساب نسبة مستحقة عن هذا التأخير، يدفعها لاحقاً، ثم يُرفع اسمه لقائمة سِمة. لينطبق عليه مثل أمريكي ذائع الصيت وهو( Damned If You Do, Damned If You Don›t)، بمعنى» الويل لك إن فعلت، والويل لك إن لم تفعل». وبما أن الحديث ذو شجون، ففي أمريكا، وهي من الدول الأوائل في العالم التي طبقت نظام التقرير الائتماني للمستهلك، تم إصدار قانون لحقوق المستهلك فيما يخص تقريره الائتماني (Consumer Rights Report Act)، ويتكون هذا القانون من عدة نقاط، تصب في مجملها في صالح المستهلك أولاً، ومنه أنه يُلزم إطلاعه على أي معلومات ائتمانية تستخدم ضده من خلال اسم وعنوان ورقم تلفون الجهة التي أدرجت اسمه ضمن قائمة المتعثرين. كذلك فإنه إذا كان عاطلاً عن العمل ويتوقع أن يقدم على وظيفة خلال ستين يوماً، فإنه لا يُدرج اسمه ضمن قائمة المتعثرين. وللمستهلك كذلك الحق في الحصول على تقييم بالنقاط عن وضعه الائتماني وبشكل دوري، مما يجعله منتبهاً لأي انخفاض في تقريره يؤدي إلى عدم أهليته في الحصول على تسهيلات ائتمانية. ويؤكّد القانون الأمريكي، أنه لا يمكن أن يشمل تقرير المستهلك الائتماني على عمليات سابقة ذات طابع سلبي ويكون لها تأثير على التقرير..

ويضيف القانون أنه من الضرورة الحصول على الموافقة الشخصية للمستهلك إذا كان تقريره الائتماني سوف يُرسل إلى جهة تقدم لها للحصول على وظيفة. وأخيراً، يحق للمستهلك الحصول على تعويضات بسبب تعرضه لمشاكل بسبب عدم عرض تقريره الائتماني عليه. وسائل التواصل الحديثة تتيح لجهة مثل سِمة التواصل مع من يصل لها اسمه في قائمة المتعثرين، فلماذا لا تتبع ما قامت به العديد من الجهات في تطبيق إعلام وإفادة الشخص ذي العلاقة بما يصلها من معلومات هي في صميم شأن يخص قدرته على الحصول على تسهيلات ائتمانية؟ فمثلاً نظام ساهر للمخلفات المرور يُعلم الشخص حال حصول مخالفة بالمركبة التي يمتلكها، وقد أعلنت الشركة السعودية للكهرباء في الأيام السابقة بأنها سوف تقوم بإعلام مستخدميها بقطع التيار الكهربائي عنهم في حالة عدم سدادهم قبل أربعة أيام من تاريخ القطع الفعلي للتيار.

يبقى تساؤل أخير حول دور الجهات ذات العلاقة في تقيم التقرير الائتماني للمستهلك الذي يصدر عن سِمة، وهي جهات رسمية وغير رسمية، وأول هذه الجهات هي مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، والتي يبدو أنها اكتفت بدور الإشراف طبقاً لموقع سِمة الرسمي على الإنترنت، دورها المحوري كونها الجهة ذات المسئولية الأولى في موضوع ذي علاقة غاية في الأهمية بأحقية المستهلك في الحصول على تسهيلات ائتمانية، تخلت عنه لشركة تضع وتسُن فيه ما شاءت من قوانين. وزارة التجارة والصناعة وعلى رأسها وزير عُرف عنه بأنه عملي ويسعي جاهداً نحو كل ما من شأنه تخفيف معاناة المستهلكين، يبدو أنه ارتضي بالأمر الواقع وبأن إشكالية التقرير الائتماني هي من اختصاصات مؤسسة النقد، وليست من اختصاصات وزارته. مجلس الشورى، كالعادة، هو الحاضر الغائب، يُسمع عنه جعجعة ولا يُرى طحناً، وكان المفترض منه وهو الجهة التي أنشأها ولي الأمر - حفظه الله- لتكون جهة استشارية ترفع كل ما يعترض المواطن من مشاكل للبت فيها وإصدار المراسيم الخاصة بحلها، يُتضح أنه مشغول بتصحيح أوضاع منسوبيه، والكل يذكر عدم تمريره لمقترح بدل السكن لموظفي الدولة، وفي نفس الأسبوع تم تمرير مقترح منح أعضائه وسام المغفور له - بإذن الله- الملك عبدالعزيز - طيّب الله ثراه-، مع كافة الامتيازات الخاصة بذلك. جمعية حماية المستهلك، ينطبق عليها مقولة المثل المديني الشهير «ما تقع السقيفة إلا على الضعيفة»، بمعنى أنها الجهة الأضعف والمفضَّلة للعديد في نقدها لما يخص حقوق المستهلكين، مع أنها جهة غير تنفيذية ومؤسسة مجتمع مدني تحتاج للكثير من الدعم والرؤية لتحقيق أهدافها.

أخيراً، لو صدقت النوايا وبعدد من الاجتماعات التي لا تتجاوز أعداد أصابع اليد الواحدة بين الجهات ذات العلاقة والمذكورة أنفاً، فمن الممكن الوصول إلى صيغة لتقرير ائتماني يُرضي الجميع، المستهلكين والبنوك، ولكن ذلك مجرد حلم فالبيروقراطية متجذرة ومقيمة فينا ما أقام عسيب، وهو الجبل الذي ذكره أمير الشعراء امرؤ القيس وهو يرثي نفسه عندما نزلت به المنية، ولا تفكر بالرحيل، وقودوها تسويف ومماطلات ببداية ولا نهاية.

Alfal1@ hotmail.com

باحث اعلامي

مقالات أخرى للكاتب