03-09-2014

موضة تغيير الشعارات

القنوات التلفزيونية غيرت شعاراتها، وما الجديد؟ لقد سبقتها وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وربما غيرهم مما قد لا يحظرني تذكرة وقت كتابة هذا المقال. وكأن تغيير الشعار أصبح موضة منتشرة لدى مؤسساتنا المختلفة. طبعاً يهمنا هنا المؤسسات الحكومية، ولن نتتبع القطاع الخاص. لماذا تقدم المؤسسات على تغيير الشعار؟ وماذا يترتب على ذلك؟ ولماذا تغير مؤسساتنا شعاراتها؟ وهل نجحت الشعارات الجديدة في تحقيق الغرض من التغيير؟ هل أقنعت المتلقي؟

الشركات الكبرى تقوم بتغيير شعاراتها لأسباب منطقية مثل استحداثها ماركات جديدة، اندماجها أو استحواذها لشركات أخرى، توسع نشاطها كأن تنتقل من المحلية للعالمية، أو عندما يصبح الشعار القديم غير مناسب من النواحي التعريفية أو حين يصبح الشعار غير معبر عن منتج وفلسفة الشركة. بعض الشركات لا تغير شعاراتها ولكن تطور قليلاً في ألوانها وتصميمها أو نوعية الخطوط ليتوافق ذلك مع التطورات التقنية أو الإعلامية... إلخ. وعند تغيير الشعار فإن الهوية والإستراتيجية والمنتج الجديد يقدم بشكل مختلف حيث لا يكتفى بمجرد تغيير الشعار وإنما يصاحب ذلك حملة إعلامية ترويجية تقدم الهوية الجديدة ويصاحب ذلك إعادة تصميم مطبوعات وكل الأدوات والأليات التي لها علاقة بالشعار لتتضمن الشعار الجديد. مثل ذلك ترصد له ميزانيات كبرى وخطط واضحة.

ذلك عن الشركات وهي التي تعمل في أسواق ديناميكية مليئة بالتنافس وتعرف أنها لا تقدم على خطوة تغيير الشعار مالم يكن العائد من ذلك يفوق التكاليف، فماذا عن الدوائر الحكومية؟

من سمح للمؤسسات/ الوزارات/ الهيئات الحكومية بتغير الشعارات وصرف ملايين الريالات من المال العام على تلك التغييرات التي ليس لها مبررات عملية؟ الشعار جزء من الهوية التاريخية فمن سمح لبعض الجهات بالعبث بتاريخها؟ حينما تغير وزارة التربية أو وزارة الصحة شعارها يكون السؤال ما هو المبرر وراء ذلك؟ وهي جهات خدمية حكومية ليست في موقع تغيير خدماتها ومنتجاتها وهويتها وليست في موقع تنافس تجاري يستوجب تغيير شعاراتها؟ لماذا نرى في العالم شعارات جامعات ومؤسسات حكومية تتجاوز المائتي عام بينما نحن نغير شعارات دوائرنا الحكومية ولم يمض على بعضها خمسين عاماً بعد؟ هل تغير أداء الجهات التي قامت بتغيير شعاراتها، ليشفع لها ذلك ببعض العذر؟

يعتقد البعض أن ما يحدث تقودة شركات علاقات عامة تعمل في هذا المجال ولديها طرقها في إختراق الفكر القيادي للوزارات، بدليل أن الشعارات الحديثة بعضها تجاري الصبغة بدا وكأنه رسم على عجل دون فلسفة واضحة يحتويها. وتجدها تتبع فلسفة رسم متشابهه وكأنها جميعاً تنبع من مدرسة واحدة. كما يعتقد البعض بأن نشوة وغرور بعض القادة الجدد في القطاع الحكومي الذين يعتقدون أن وجودهم على رأس الهرم الإداري وطرحهم أفكاراً يعتقدون أنها هي الأعظم يبرر لهم تغيير الشعار للإيحاء بأن عهدهم الإداري يشكل نقلة تاريخية تتطلب شعاراً جديداً. هولاء القادة بالتأكيد أن بعضهم يقع تحت تأثير شركات العلاقات العامة التي تقنعه بمثل تلك الأفكار وتقنعه بأن الشعارات الحديثة تمثل التوجهات العالمية.

القضية ليست فقط مادية وهدرا للمال العام وتواضع في إخراج الشعارات الجديدة، بل هو حفاظ على هويات وتاريخ حكومي تمثلة الجهات الحكومية. حتى لو جاءت الشعارات الجديدة أجمل، فمجرد البحث عن شكل جديد ليس مبرر لإهمال القيمة التاريخة، دون مبررات أكثر علمية وموضوعية كما أشرنا إليه أعلاه. أرجو إيقاف هذا العبث في تغيير الشعارات، قبل أن يمتد لبقية الوزارات والمؤسسات الحكومية!.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب