07-09-2014

الدين ـ المليك ـ الوطن

(الاعتزاز بالدين، الولاء للملك، الانتماء للوطن)، شعار تربوي ترفعه وزارة التربية والتعليم وسيكون منطلق العمل في جميع البرامج التربوية، وأوجه النشاط في المرحلة المقبلة، اعتبارا ـ حسب ما أعلن عنه ـ من بدء العام الدارسي 1435 ـ 1436 هـ، فأنعم بهذا الشعار وأكرم، لا سيما وأن المتغيرات المتلاحقة والفوضى العارمة في الدول المحيطة توجب مثل هذا التوجه الذي يقصد به تعزيز اللحمة الوطنية وحماية الناشئة من أوجه الانحراف العقدي والفكري الذي بات يعصف بالعقول يحرفها إلى مجاهل مظلمة من الأفكار والسلوكات المعروفة عواقبها ونهاياتها، سواء على مستوى الفرد أو المجتمع.

فالاعتزاز بالدين، هو الشعور الغالب على وجدان كل مسلم، وهو شعاره، فالمسلم يحمد الله ويشكره أن جعله مسلما، فنعمة الإسلام نعمة لا تضاهى، أصالة في مصادر التكوين والتلقي، واستقامة في المنهج، مع سماحة في العلاقة على اختلاف مجالاتها ومستوياتها، وسطية في الفكر، واعتدال في التوجه، وتوافق مع الفطرة، وعدالة في القول والعمل، ووضوح في الغايات والأهداف، الحقوق مجابة مصانة، الواجبات سهلة ميسرة ممكنة، ومما يزيد من درجة الاعتزاز بهذا الدين أنه الدين الخاتم، فلا دين بعده، وبالتالي، على الإنسان الذي ينعم بنعمة الإسلام أن يحرص على تجسيد الإسلام قولا وعملا بأجمل صوره، وأجل معانيه، وأن يكون قدوة حسنة يهتدي به غيره في الاهتداء إلى الإسلام واعتناقه.

والولاء للملك، ولاء نابع من موروث تعزز وتأصل ـ بعد توفيق الله ـ من سمة العلاقة التي ربطت ملوك هذه البلاد العزيزة بأهلها، علاقة اتسمت بالبساطة، علاقة قربى ومحبة، علاقة أسرة تستظل بسقف بيت واحد، قوامه التقدير والاحترام، والتفاعل المباشر والآني مع القضايا والاحتياجات العامة والخاصة.

يقول أحد الإخوة العرب، كنت أعتقد أنكم تبالغون في وصف العلاقة التي تربطكم بولاة الأمر في بلادكم، قلت له: وما الذي تبين لك ؟، قال : تبين لي أنني واهم مخطئ، قلت : كيف تبين لك ذلك ؟ قال : قدر الله على أحد أقاربي حادث مروري توفي فيه، وتوفي المتسبب في الحادث، وكان الحادث قرب الطائف، حولت المعاملة إلى محكمة منطقة مكة، وأنا أسكن في الرياض، شق علي التردد على محكمة مكة، شكوت حالي إلى أحد الزملاء، نصحني أن أعرض حالتي على أمير منطقة الرياض ـ الأمير سلمان ـ يحفظه الله، في البدء ظننت أن زميلي يستهزئ بي، فأين أنا من أمير منطقة الرياض ؟ من يوصلني له ؟ وكيف ؟ قال : زميلي لا عليك، كلما في الأمر تقدم باستدعاء اشرح فيه معاناتك وستجد خيرا، كتبت خطابا شرحت فيه ملابسات الحادث ومعاناتي من التردد إلى منطقة مكة، صليت الظهر في الإمارة، قدمت خطابي، وما هي إلا بضع دقائق حتى تم استدعائي، وإذا بي أمام الأمير سلمان وجها لوجه، قال يحفظه الله، وجهنا بنقل المعاملة للرياض، وخلال أسبوع راجع الجهة المختصة فإذا لم تجد المعاملة راجعنا بالإمارة، وفعلا بعد أسبوع وجدت المعاملة في محكمة الرياض .

يقول : تعجبت في هذه البلاد الكريمة كيف يصل الإنسان إلى ولي الأمر ويتواصل معه بهذه السهولة والبساطة والسرعة، بينما في بلدي يتعذر علي الوصول إلى وكيل الوزارة ؟.

وللانتماء للوطن أولويته, وله جاذبيته وسحره، مهما كانت درجة غناه وفقره، جمال طبيعته وقسوته، فكل وطن عزيز عند أهله كريم، يهتز الوجدان لذكر اسمه، وتعلو الهامات به فخرا واعتزازا، وترتفع الرؤوس شامخة لكونها تربت على ثرى ترابه، ونمت من خيراته ونعمه، هذا في عموم الأوطان، فكيف بوطن اختصه الله بالكثير من النعم والفضائل على سائر الأوطان، إنه حري بأن يكون وسام فخر على جبين كل مواطن، يسعى في تنميته وإعماره، والإخلاص له والدفاع عن مكتسباته، والمحافظة على خيراته.

بدأ العام الدراسي، والميدان التربوي بحاجة إلى هذا المشروع، ينتظر إطلالته، ليكون منطلقا للمشروعات التربوية والبرامج العملية وأوجه النشاط المختلفة كافة، وإطارا عاما ومرجعا تستقي المدارس من معينه ما يساعدها على تحقيق رسالتها التربوية المنشودة.

abalmoaili@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب