تأخير واستغلال مادي وضعف تفاوضي ضحيته الأسرة

تفاقم مشكلة الاستقدام ووزارة العمل تكتفي بالتصريحات وهدر حقوق المواطنين

كتب - عبدالله الرفيدي:

تواجه سوق الاستقدام في السعودية أزمة شديدة هذه الأيام في توفير العاملات من الفلبين وسيرلانكا بسبب إقفال الاستقدام مع اندونيسيا التي كانت تشكل المصدر الأكبر للسوق. وقد تقدمت مكاتب الاستقدام بشكوى رسمية لوزارة العمل من تعامل السفارة ووزارة العمل الفلبينية من التأخير الكبير والمماطلة الذي يحدث عند الاستقدام للمواطن والمكاتب. و تمر عملية الاستقدام بمراحل عدة، أولها توقيع عقد عمل في السفارة يستغرق إنهاؤه أكثر من أسبوعين، يعقبه تدريب لمدة أربعين يوما، ويدخل العقد وزراة العمل الفلبينية لمدة تزيد عن الشهر، وفرض رسوم تصل إلى 300 ريال للتصديق على العقد، لتصل فترة الانتظار قرابة السبعة أشهر. وبعد كل هذا عندما تصل العاملة وترغب في رفض العمل بعد أربعة أشهر يلزم المواطن بدفع رواتبها والتذاكر وإسقاط الغرامة المفروضة على العاملة. ولم تتجاوب وزراة العمل السعودية حتى الآن مع هذه الشكوى لعجزها أمام الاستغلال الفلبيني للمواطن الذي استطاع أن يرفع الاستقدام إلى 16 ألف ريال وزيادة الراتب إلى 1500 ريال، ورضخت له الوزارة، وأعلنت أنها قد وقعت اتفاقية، وبادرت بإصدار التأشيرات حتى تراكمت ما يفوق 100 ألف تأشيرة لدى السفارة وفي الفلبين.

ونفس المشكلة الآن تقع مع الاستقدام من الهند. ففي شهر مارس 2014م أعلنت وزراة العمل أنها قد وقعت اتفاقية استقدام مع الهند، وبادرت بإصدار 44 ألف تأشيرة، ليفاجأ المواطن ومكاتب الاستقدام بأن الحكومة الهندية لم تبلغ مكاتبها المحلية بموافقتها. وذهب الأمر إلى أبعد من ذلك بأن فرضت السفارة الهندية رفع مرتب العامل من 800 ريال إلى 1700 ريال، لواجه المقاولون معضلة رفع التكلفة.

وأيضا أعلنت وزراة العمل عن توقيع اتفاقية مع فيتنام، وفي الحيقيقة أن قبول العمالة المنزلية من هذه الدولة قليل ولا يصل إلى المملكة منها في الشهر أكثر من خمسين عاملة.

وأعلنت الوزراة أيضا عن التوقيع على اتفاقية مع سيريلانكا لتقفز أسعار الاستقدام من هذا البلد من 12 ألف ريال إلى 23 ألف ريال هذا بخلاف الصعوبات التي يواجهها المواطن والمكاتب من استقدام العمالة من سيريلانكا.

وسرى حديث الآن عن قرب توقيع اتفاقية مع إندونيسيا وأنها في اللمسات النهائية، وهذا يدعو إلى التساؤل. هل سترضخ وزارة العمل إلى شروط جديدة من الحكومة الإندونيسية التي لن تتوانى في رفع الرواتب إلى 1500 ريال مع فرض تكاليف وشروط عمل إضافية، وإلى الآن لم يحدث شيء.

ونتيجة إلى هذا العمل في توقيع الاتفاقيات أصبح المواطن هو المتضرر الأكبر حيث تضاعفت تكاليف الاستقدام والرواتب وضاعت حقوقه القانونية ولا يجد من يحميه، وباتت الوزارة تفكر في الإعلان عن توقيع اتفاقيات دون أن تتحدث عن المضمون والتنازلات التي تقدمها، في الوقت الذي تجاهلت فيه أن هذه الدول بحاجة ماسة إلى العملة الصعبة التي تصدرها عمالتها من السعودية، واستمرت في إقفال الاستقدام من بنقلادش التي كانت تشكل توازنا مع الهند.

وفي تأثير آخر أصبحت شركات الاستقدام التي فرضت وجودها الوزارة تواجه ضياع رؤوس أموالها التي بلغت مئات الملايين، وخرجت بفكرة تأجير العمالة بمدد قصيرة جدا على المواطن، ولا تملك عمالة إلا من كينيا أو إثيوبيا التي أغلقت الآن.

هل تعلم الوزارة أن المواطنين أصبحوا يدفعون مبالغ تصل إلى 45 ألف ريال لنقل كفالة عاملة، وأنهم الآن يواجهون معضلة حقيقية في توفير العمالة بعد المعاناة مع الفلبين وتوقف إندونيسيا ومماطلة الهند وارتفاع أسعار سيريلانكا مع سوء عمالتها.

وما زال المواطن يسأل، لماذا الاستقدام في دول الخليج هو الأرخص والأسهل بالرغم من صغر حجم سوقها؟

لقد تجاسرت الوزارة في سحب ملف التفاوض من لجنة الاستقدام بمجلس الغرف السعودية بحجة أنها ستحل المشكلة، وتجاهلت الخبرات الواسعة لدى اللجنة في فرض الشروط السعودية وحفظ حقوق وأموال المواطن. والنتيجة تصريحات إعلامية غير صحيحة، وأسر تعاني الأمرّين من مشكلة الاستقدام، وفتح دول مثل إثيوبيا واجه المواطن الرعب والموت بسببها. ويجب على الوزارة أن تعلن عن فشلها وتعيد الملف إلى اللجنة، وتوفر لها الدعم الكامل كجهة حكومية مثل ما تفعل دول الخليج، ويتم تعزيز اللجنة بدعم آخر من وزارة الخارجية ليكون هناك تعامل القيادات السياسية في تلك البلدان لمنع استغلال مسؤولي وتجار تلك البلدان الوضع لفرض أجنداتهم الخاصة لتحقيق أهداف مادية وسياسية.

والجدير بالذكر أن السعودية تعد الأكثر توظيفا للعمالة الفلبينية، تليها الإمارات ثم سنغافورة، كما أن السعودية الأعلى تحويلا للأموال التي يتلقاها أقارب العاملين في الخارج، وقد أكد ذلك المسح الإحصائي الذي أجراه جهاز الإحصاء الفلبيني، حيث أكد أن نسبة العاملين في السعودية 22.1% ، تليها الإمارات 15.4% ، وسنغافوة بنسبة 7.3%. وهذا يعني أن المملكة المصدر الأساسي لتحويل العملة، وبالتالي فإن استخدم ذلك كورقة ضغط من وزارة العمل لخفض الشروط والأسعار سيكون له الأثر الإيجابي. وينسحب ذلك على إندونيسيا والهند التي ترسل الحجم الأكبر من عمالتها للسعودية.