07-09-2014

اتحادنا و(معيّد القريتين)!

** في سنوات خلت، أي عندما كانت فرق (الشو) التي تستحوذ على المشهد الإعلامي (المهرقل) اليوم، تتلمس وتلتمس موطئ قدم على النطاق القاري وبأية وسيلة.. كان (زعيم القارة الهلال) يصول ويجول قارياً، فارضاً وجود الكرة السعودية على رأس القائمة، مانحاً إياها مركز الصدارة على مستوى الأندية بما حققه من إنجازات وأولويات أهّلته ليكون نادياً للقرن الآسيوي دون منازع.

** ولأنه كان ماضيا في طريقه لإضافة المزيد والمزيد من الإنجازات والأولويات للكرة السعودية، مما استنهض (مروءة ونخوة) من بأيديهم مقاليد الحل والعقد في شأننا الرياضي ليكونوا عوناً له كواجب تمليه مقتضيات الوطنية والمسؤولية والمصلحة العامة، فقد كانوا عند حسن الظن، وجسدوا هذا الواجب والمطلب الوطني بمنتهى الحرص والدقة والمسؤولية، كيف؟.

** يبدو أنهم خافوا على الهلال من (الحسد).. وبما أن مواقعهم وصفاتهم الرسمية والاعتبارية تفرض عليهم حماية ورعاية مصادر مكتسبات الكرة السعودية، فقد رأوا بأن أفضل وسيلة لدرء الحسد عن الهلال هو التفنن في افتعال العراقيل لإيقافه عن المضي قدماً حتى لا تفترسه عيون الحساد.. من هنا بدأ مسلسل تجريده من أسلحته المتمثلة بدولييه كلما اقترب من إضافة منجز جديد للكرة السعودية على مستوى القارة تحت ذريعة تمثيل المنتخب.. ولا حاجة بنا إلى سرد عدد الاستحقاقات الآسيوية التي أرغم الهلال على أن يكون عاجزاً عن تحقيقها بفضل رعاية وحرص مرجعيتنا الرياضية.. أقول لا حاجة بنا لذلك باعتبارها شواهد ومواقف مثبتة وموثقة، كما لا حاجة بنا إلى سرد الذرائع (الهلامية) التي تم بموجبها تجريده من أهم مقومات نجاحه في تحقيق الكسب باعتبارها الوسيلة الكفيلة بإيقافه وبالتالي حمايته من الحسد.. ولهذا استمر الحال على هذا المنوال إلى يومنا هذا!!.

** كنت أعتقد ومعي الكثير من المتابعين الغيورين بأن فكرة معسكر إسبانيا التي جرت منذ شهرين تقريباً للأخضر بالتزامن مع نهاية الموسم الطويل والمرهق، التي لا لون ولا طعم لها، باستثناء الرائحة، قد أوحت لمن يهمهم الأمر بأن (الطاسة ضايعة)، وبالتالي وجوب الالتفات لما يجري بشيء من الفطنة على ضوء الخسائر المادية والمعنوية التي ترتبت على ذلك المعسكر المهزلة.. ولكن يبدو أن الشق أكبر من الرقعة، بدليل معسكر لندن الحالي الذي أتوقع ألاّ تختلف نتائجه كثيراً عن نتائج المعسكر السابق عطفاً على سوء اختيار المكان والزمان، الذي من الواضح أن الهلال فقط هو من سيدفع الثمن!!.

** ما تقدم ليس إلاّ للتذكير الذي فرضته ظروف تأهل الهلال لدور الأربعة من البطولة الآسيوية وموقف اتحاد اللعبة من هذه الظروف الذي جاء امتداداً لسلسلة المواقف الضدّيّة السابقة.. هذا الموقف الذي لن يكفي الهروب والتواري خلف مشجب إصرار (لوبيزكارو) لتبريره، فمتى كان الخواجات أكثر حرصاً على مصلحة البلد أكثر من حرصهم على مصالحهم الشخصية، وأكثر من حرص أبناء البلد على مصلحة بلدهم؟!.

** أخشى ما أخشاه أن تفضي كل هذه التدابير إلى خسارة الأخضر للخليجية والآسيوية معا.. وخسارة الهلال للآسيوية (لا قدر الله)، عندها لن يكون هناك أنسب من تشبيه اتحادنا بقيادة أحمد عيد بـ(معيّد القريتين)؟!.

من يزوّد؟!.

** في هذا العصر العجيب الذي اختلط فيه الحابل بالنابل، وطغى فيه الغث واللغط على السمين والمعقول والمنطق، وحتى على الواجب.. فالوطنية وما إدراك ما الوطنية، تم تصنيفها وتقييسها حسب اتجاه بوصلة القلب والهوى، فلا مانع أن تحضر هنا وتغيب هناك على الرغم من أن الحالة واحدة، أو متماثلة إلى درجة التطابق!!.

** والمواقف تجاه المنتخب أضحت ساحة للمزايدة على طريقة (من يزوّد)، فالذي كان إلى الأمس القريب يسخر ويتهكم بالمنتخب إلى حد العداء لأسباب تبدأ وتنتهي عند وجود لون فريقه المفضل ضمن التشكيلة، فجأة هبطت عليه الحميّة والنخوة الوطنية للأسباب والمعايير ذاتها، وأضحى أكثر شراسة في تصنيف الواجبات تجاه منتخب الوطن ومسوغاتها وحدودها، بل أشدّ حماساً من الذين ترعرعوا وشبّوا وشابوا على دعم ومؤازرة المنتخب قولاً وعملاً، وفي كل الظروف والأحوال، ولم تتبدل قناعاتهم ومواقفهم بتبدل من اختير ومن لم يُختَر من لاعبي فرقهم؟!.

المفلسون؟!

** من المعلوم أن اختلاف الرؤى والقناعات حول بعض الأمور والمسائل التي تنتج عنها - منذ القدم - سجالات وتجاذبات صحافية في كثير من الأحيان، ولا يستثنى منها أي مجال من مجالات الحياة، وكانوا يطلقون عليها مصطلح (معارك).

** وبديهي أن تتكفل تلك المناكفات بكشف وتعرية معادن الأطراف المتجاذبة، إذ من البديهي والطبيعي أيضاً أن ينطلق كل طرف في مهمته من تكويناته الأخلاقية والتربوية والبيئية والمعرفيّة، وبالتالي بروز الفوارق بين النزيه المتمكن عال الهمّة، وبين الآخر المفلس.

** مؤخراً قرأت بعض ذلك النوع من المناكفات على صعيد إعلامنا الرياضي و(يعلم الله) كم حزنت وتألمت مما آل إليه الحال في تعاطينا مع بعضنا ومع اختلاف رؤانا وقناعاتنا وميولنا.

** أحدهم يضمّن إحدى أطروحاته الصحافية بمعلومة صحيحة عن احدى الفرق، فينبري له أحد كتّاب الفريق المعني، لا ليفند ويدحض المعلومة ويقارع الحجة بالحجة كما يقتضي الحال.. وإنما ذهب مباشرة صوب بشرة خصمه (الحسنة) يعيبها ويسخر منها، ومع أن هذا المسلك إضافة إلى كونه يدل دلالة صارخة على حالة مستعصية من الإفلاس الأخلاقي والتربوي والمعرفي.. فإنه يعتبر انتقاصاً وانتقاداً وقحاً بخلق الله سبحانه وتعالى {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} الذي خلق الأحمر والأبيض والأسود، وخلق الطويل والقصير، والعملاق والقزم، لحكمة هو أعلم بها.. فهل ضمن هو أنه بلا عيوب وبلا نقائص من المفترض أن تشغله عن السخرية من خلق الله عندما لم يجد حجة تبرر له موقفه، إلاّ إذا كان قد ركن إلى أن أخلاقيات المعني لن تمكنه من الهبوط إلى ذلك المستوى الوضيع من التعاطي!!.

** (ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا).

من لا يشكر الناس لا يشكر الله

** أندية الرائد وهجر والقادسية، دعمت ممثلي الوطن آسيوياً (الهلال والاتحاد) في دور الثمانية مادياً ومعنوياً.. ونجران والفتح دعما الهلال في دور الأربعة من خلال تسهيل ظروف مواجهاتهما الدورية معه، وذلك انطلاقا من أحاسيس ومشاعر وطنية تؤكد أن الوطن لا يزال بخير بوجود مثل هذه النماذج المشرّفة.

** شكراً من الأعماق لهذه الأندية ممثلة في الشخصيات التي تولّت زمام الاضطلاع بهذا الشرف، ولا عزاء للمتخاذلين والمتحذلقين والمعارضين ومعهم المتباكين.

مقالات أخرى للكاتب