14-09-2014

السياسة.. وأزمة الكيل!

حتى وإن كنت أتابع السياسة، وأقرأ فيها بشكل يومي، خصوصاً حينما تعلق الأمر بمنطقة الشرق الأوسط، التي طالت نارها دولنا العربية، لكنني رغم ذلك لا أحب الكتابة فيها، لشعوري أن الكتابة السياسية المختصَّة لها فرسانها، ومع ذلك، أطمئن نفسي كل مرة، نفسي الأمَّارة بالتطفل، بأن كاتب الرأي العام هو من يحشر أنفه، عفواً أقصد قلمه، فيما لا يعنيه أحياناً، أو لا يدرك خباياه، ربما جاء ذلك بعد كلمة أوباما، وبعد مؤتمر جدة الإقليمي الذي ضم وزراء خارجية دول الخليج، ومصر والعراق وتركيا والأردن ولبنان والولايات المتحدة الأمريكية!

فمن أغرب ما قرأت، ما تناقلته الصحف عن اعتراض روسيا على كلمة الرئيس أوباما، الذي وافق على عمليات عسكرية جوية، بالمشاركة مع دول حليفة، لمكافحة الإرهاب في العراق وسوريا، حيث اعتبرت روسيا ضرب هذه التنظيمات في سوريا والعراق هو دون موافقة مجلس الأمن أو موافقة السلطات الرسمية السورية، تعني الأسد، هو خرق صارخ للقانون الدولي، مع أن الجميع يدرك أن سوريا، وباعتراف من تسميهم سلطة رسمية، تتعرض لهجمات إرهابية مختلفة.

بعيداً عن ذلك، يأتي السؤال البدهي، هو: ماذا تُسمي روسيا ممارساتها في أوكرانيا؟.. هل هي فسحة سياسية مؤقتة؟.. أم قضاء إجازة صيف؟.. أم هو تدخل عسكري صريح وعلني، واحتلال واضح، وضوح الشمس، لمعظم شبه جزيرة القرم جنوب شرق أوكرانيا؟.. والسؤال الأكثر سخرية هو: هل يمكن أن يقبل العالم تصريحات بوتين بأن ما فعله ليس تدخلاً عسكرياً، وإنما حماية للرعايا الروس في أوكرانيا؟.. إذا كان يؤمن بذلك حقاً، فعليه أن يؤمن أيضاً بأن الضربة الجوية لدول التحالف، هي لحماية المواطنين السوريين على اختلاف مذاهبهم ودياناتهم!

في نظري، ما تعانيه السياسة الدولية منذ عقود، وطوال القرن الماضي تحديداً، هو التعامل بمكيالين مختلفين حسب مصالح الأقوياء، فما فعلته إسرائيل من احتلال وتهجير منذ الخمسينيات، وما قامت به قبل أسابيع في غزة من قتل الأطفال والمدنيين الأبرياء، تعتبره إسرائيل وأمريكا دفاعاً عن النفس، والعالم يراه جرائم وحشية بحق الإنسانية، تماماً كما تتعامل روسيا مع الأسد، باعتباره رئيساً يدافع عن بلاده ضد الإرهاب والتدخل في شؤونها، ويتفق العالم على أنه مجرم حرب، قتل شعبه وشرَّده في دول الجوار، فقط لأن هذا الشعب الكريم الأبيّ، أراد أن يسير ببلاده نحو المستقبل!

مقالات أخرى للكاتب