السعودية تشهد إطلاق أول وقف تنموي لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بمليار ريال

الأمير فيصل بن سلمان: أنشأنا «وقف المنورة» ليكون الأداة الفاعلة في تعزيز العمل التنموي في المنطقة

المدينة المنورة - مروان قصاص وعلي الأحمدي:

أعلن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير المدينة المنورة، أمس الأول الاثنين، عن بدء أعمال مؤسسة «نماء المنورة»، وهي الذراع التنفيذية لـ»وقف المنورة»، لدعم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المنطقة، مؤكِّدًا أهمية الوقف بصفته إنمائيًّا مجتمعيًّا يصب في مصلحة المواطنين والمواطنات في المنطقة.

وأكَّد الأمير فيصل بن سلمان أنّه في ظلِّ هذا الحراك التنموي الراهن الذي تعيشه بلادنا، وخصوصًا المشروعات المباركة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- لتوسعة المسجد النبوي وتطوير المناطق المحيطة به، أنشئ «وقف المنورة» ليكون الأداة الفاعلة في تعزيز العمل التنموي في المنطقة، الذي انبثقت منه مؤسسة «نماء المنورة»، وهي مؤسسة غير ربحية، لتطلق الكثير من المبادرات لدعم منظومة المنشآت المتوسطة والصغيرة، خاصة أن هذا القطاع الحيوي والمهم يشكل أكثر من تسعين في المئة من المنشآت المسجلة في سجلات وزارة التجارة، وذلك من أجل تحقيق تنمية اقتصاديَّة واجتماعيَّة مستدامة، إيمانًا بأن دعم هذا القطاع ونموه سيكون له أثر إيجابيّ على الاقتصاد المحلي وتنميته.

وعدّ الأمير فيصل بن سلمان، أن مرحلة التنفيذ هي المرحلة الأصعب ليشعر أبناء المنطقة بأثرها في الربع الأول من العام المقبل، متعهدًا في الوقت نفسه بأن المشروعات ستنال حقها من العناية والمتابعة الدائمة، حيث سيناط بمجلسي النظارة والإدارة متابعة النتائج وأعمال مؤسسة «نماء المنورة» كل ستة أشهر، حتَّى يَرَى أهل المنطقة ويلمسوا خير هذه المشروعات التنموية بجميع أطيافها.

وتكمن أهمية رؤية «نماء المنورة» في الاستفادة من الحراك التنموي الراهن وتفعيله لتحقيق تنمية اقتصاديَّة مستدامة، والمساهمة في تعزيز النمو الاجتماعي والاقتصادي للمواطن من خلال تطوير ودعم بيئة قطاع المنشآت المتوسطة والصغيرة، مبديًا تفاؤله بأن يصبح المركز الرئيس لـ«نماء المنورة»، بمثابة إحدى كبريات منصات تسريع الأعمال في الشرق الأوسط، لكونه يحتضن عددًا من المبادرات الحيويَّة التي توفر باقة متميزة من الخدمات المُتعدِّدة لرواد ورائدات أعمال المنطقة.

ويضم مركز «نماء المنورة» الرئيس الذي يوجد على أرض مساحتها 20750 مترًا مربعًا، مركز الخدمة الشاملة الرئيس، ومساحات عمل مشتركة لأصحاب الأعمال، وقاعة محاضرات ومؤتمرات تفاعلية، وصالة عرض ومبيعات دائمة لمنتجات «صنع المدينة»، ومكاتب شركاء النجاح، ومكاتب للهيئة العامَّة للاستثمار، ومعرضًا فنيًّا دائمًا مرتبطًا بأصالة وتاريخ المدينة القديم والحديث.

وتعد مبادرة «صنع المدينة» التي تسهم «نماء المنورة» في تفعيلها وإدارتها، مشروعًا حيويًّا يهدف إلى تشجيع الصناعات المدينية ذات الجودة المعتمدة وتطوير قيمتها المضافة، عبر توعية المستهلك بميزتها وأصالتها، وحمايته من المنتجات التي لا تعكس أصالة المدينة المنورة.

وتعد مبادرة «واحات المدينة» برنامجًا للبيع بالتجزئة في مواقع مدينية مشهورة في التاريخ الإسلامي بمنظومة «صُنع المدينة»، خاصة أنها أحد المشروعات الإستراتيجية المهمة، وضمن المبادرات الحيويَّة، وستوفر المجال التسويقي الحيوي لرواد الأعمال والأسر والمصانع المدينية المنتجة، من خلال تمكينهم من عرض وبيع منتجاتهم عبر قنوات تمتاز بوجودها في مواقع حيويَّة وتاريخية بالمدينة المنورة، ناهيك عن تميز تلك المنافذ التسويقية والبيعية بجاذبية تصميمها الذي يعكس الطابع المديني والإسلامي واقترانها بتقنيات عالميَّة ومعايير البناء الحديثة والعصرية.

فيما تُعدُّ مبادرة «مركز الخدمة الشاملة» التي ترتكز على تقديم الخدمات الحكوميَّة والاستشارية لرواد ورائدات الأعمال وأصحاب الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، عبر منصة موحدة تجمع الجهات ذات العلاقة تحت سقف واحد، توفيرًا للوقت والجهد.

ويتَضمَّن المركز الجهات التالية في مرحلته الأولى: أمانة المدينة المنورة، وزارة التجارة والصناعة في منطقة المدينة المنورة، وزارة العمل في منطقة المدينة المنورة، الإدارة العامَّة للجوازات في منطقة المدينة المنورة، الإدارة العامَّة للدفاع المدني في منطقة المدينة المنورة، الغرفة التجاريَّة الصناعيَّة في المدينة المنورة، مصلحة الزكاة والدخل بمنطقة المدينة المنورة، المؤسسة العامَّة للتأمينات الاجتماعيَّة بمنطقة المدينة المنورة.

وتعد مبادرة «مدينة المنورة الصناعيَّة» نتاجًا حقيقيًّا للتعاون الإستراتيجي بين «نماء المنورة» وهيئة المدن الصناعيَّة، وهو ما أثمر عن ولادة بيئة صناعيَّة فريدة تنبئ بنهضة وتنوع اقتصادي، وتسهم في خلق فرص عمل لأبناء المنطقة، وتعزز قدرتهم على المشاركة في التنمية الاقتصاديَّة الحالية لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام. وفي إطار الاهتمام بالمرأة السعوديَّة والإيمان بدورها في التنمية كجزء أساسي في عملية التنمية الاقتصاديَّة والمجتمعية في الوطن، أطلقت «نماء المنورة» مبادرة معامل الإبداع والإنتاج، التي تقع في حديقة الملك فهد في المدينة المنورة على مساحة تصل 2200 متر مربع، وجاء المقر بتصميم إسلامي معاصر يضم منظومة متكاملة مخصصة لسيدات المدينة من الحرفيات ورائدات الأعمال وتشمل قاعات محاضرات المعاهد المشاركة، وقاعات اجتماعات وغرف عمل، وورشًا إنتاجيَّة حديثة، وتحتضن هذه المبادرة عددًا من المبادرات، ومنها أكاديمية التصميم التي تهدف إلى الارتقاء بالحرف المدينية لمستوى عالمي.

وتضافرت جهود الكثير من الجهات الحكوميَّة لإنجاح أحد أضخم المشروعات في الشرق الأوسط، المخصصة لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، فقد قدم بنك التسليف والادخار نحو 700 مليون ريال كمحفظة تمويلية للمشروع، في حين تعهدت أمانة المدينة المنورة بتسليم 100 موقع لسلسلة البيع بالتجزئة (واحات المنورة) في غضون 12 شهرًا، على أن ترتفع أعداد المواقع إلى 500 موقع بحلول 2020، تزامنًا مع اكتمال بناء التصميم الداخلي لموقع معامل الإبداع، وفق الخطة الزمنية المعتمدة في المشروع.

ووقعت «نماء المنورة» مذكرة تفاهم مع «أرامكو السعوديَّة» لبناء تعاون وتطوير برامج مشتركة لإنجاح المشروعات القائمة في المصانع الصغيرة والمتوسطة، ودراسة إمكانية إنشاء محفظة استثمارية لرأس المال الجريء، وخصصت هيئة المدن الصناعيَّة 100 مصنع متوسط الحجم، جاهزة للمنطقة بمعايير جودة متميزة، وتتَضمَّن المرحلة الأولى 28 مصنعًا، تسلم خلال 12 شهرًا.

في حين يدعم صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) الفرص التوظيفية التدريبية المناسبة في المشروع، وبينما تدعم «نماء المنورة» البحوث والدراسات فإنَّ جامعة طيبة تلتزم بتمويل بعض أنشطة المؤسسة المنضوية تحت «وقف المدينة».

وتلتزم مجموعة بن لادن بتقديم 50 مليون ريال على مدى 24 شهرًا، في حين تقدم أكوا بور 15 مليون ريال مرحليا لمدة 36 شهرا، وقدمت الهيئة العليا للسياحة والآثار 1.5 مليون ريال، ضمن برنامج دعم الصناعات الحرفية النسوية بالتعاون مع شركة قطوف المتخصصة.

من جهته، قال الأستاذ أحمد عبدالرحمن المحايري الرئيس التنفيذي «لنماء المنورة»: «إن خدمة المدينة المنورة شرف عبادة ومتعة عطاء»، مضيفًا أن هذا الباكورة من المشروعات المتكاملة تضع منطقة المدينة المنورة في صدارة الركب عربيًّا، بالنظر إلى أن المركز الرئيس للشركة يقع على مساحة تزيد على 20 ألف متر مربع، ويُعدُّ إحدى كبريات منصات تسريع الأعمال في الشرق الأوسط.

وثمن أحمد المحايري التعاون والتكاتف بين الجهات المشاركة في المشروع الضخم، وقال: «إن الله هيأ للمدينة قيادة شابة صاحبة رؤية مقرونة بالتنفيذ وحب المواطن والإخلاص للوطن، وهذا منبع خير تمخضت عنه تلك المبادرات لتنسج باقة من النجاحات الرائعة، مثمنًا دعم حكومة خادم الحرمين وولي عهده الأمين للشباب كافة في المملكة وفي المنطقة».