18-09-2014

استراتيجية «وطني الحبيب»

لا شيء يحير الجائع مثل قائمة طعام ثرية ومتنوعة في مطعم كل ما يقدمه لذيذ وشهي.. يبدو أن الجوع جعلني أضرب مثلا في الطعام والمطاعم..

الموضوعات كثيرة وكلها تفتح شهية الكاتب، اليوم فقط هناك موضوعات متنوعة تبدأ من نتائج مؤتمر باريس المخصص لبحث العمل على تخليص العالم من فيروس «داعش» الذي ينهش في جسد الإنسانية، ولا تنتهي عند مباراة الهلال السعودي مع العين الإماراتي للوصول إلى العالمية، التي يرى العالميون أنها «صعبة وقوية» وأعتقد أن الهلال يبقى دائما قويا ومتماسكا ومع شقيقه النصر يمثلان متعة الكرة السعودية.

وأعتقد أن كرة القدم و«داعش» كلاهما يقومان على الشباب، وشتان بين ركل الكرة في المرمى وركل الرؤوس المنحورة، وهنا نسأل عن شباب تتفتح أعينهم على الدنيا ولا يشاهدون إلا تحريضا وتجييشا وترغيبا بالقتل والقتال، من المسؤول عن ذلك في مجتمع يعاني شبابه من فراغ قاتل، ويغذي الفارغون فراغهم بانتماء يشبع أرواحهم، ففي كرة القدم تجد الشباب يمارسون التشجيع بعنف لفظي وحدية، وهذا يمكن المجيشون والمؤلبون لاستغلال العواطف لتوجيهها في اتجاهات مختلفة من ضمنها الإرهاب، ولم تقم أي جهة مسؤولة عن الشباب باحتوائهم وتوجيههم لصالح الوطن الذي يحتاج إليهم، أما ماكينة التفريخ الإرهابية ما زالت تعمل كما يبدو، خصوصا عندما نشاهد أشخاصا لم يبلغوا السادسة عندما أشعل الإرهابيون أحداث 11 سبتمبر، معنى ذلك أننا في السعودية قضينا على الإرهاب عسكريا ولم نقضي على الإرهابيين فكريا، وهذا لا يأتي بإرادة حكومية، فالحكوميون لدينا بذلوا كل الجهد لحماية العقول، ولكن المؤسسة الدينية ما زالت تخشى مواجهة التيار الذي يهينها ليلا ونهارا، وما زال تجييش الصحويين يعمل، وبعض الحركيين للأسف يحظون بالتقدير والتوقير رغم فعائلهم الشنيعة، وكأننا لا نخوض حربا حقيقية ضد الإرهاب والحركات المتأسلمة.

الشباب في السعودية يحتاج إلى رعاية وتهذيب وصناعة لإنتاج مستقبل يليق بتنمية طموحة، يمكننا خلق أجواء رائعة في المجال الرياضي، ويمكن أيضا خلق مناخ أكثر تسامحا في الكثير من المجالات، فلا نريد شبابا يسكر ويعربد، ولا نريد أيضا من يكفر ويفجر، ربما نحن بحاجة إلى مناصحة احترازية واستباقية حتى لا يقع المزيد من الشباب في مصيدة التطرف.

يجب أن ينتمي الشباب لوطنهم أولا، ويجب أن يتعلموا أصول الانتماء، وأن يستشعروا أهمية بلدهم، وألا نجعل الإحباط يسيطر عليهم، وألا نجعل المناسبات الوطنية مجرد أيام نكتب فيها المجاملات والمعلقات، وننسى أن باقي الأيام تزخر بجحود المغيبين لوطنهم، يجب أن نؤسس لثقافة وطنية تعزز الانتماء وتجعل الشاب معتزا بهويته التي لا يعرفها كثير منهم للأسف.

يجب أن نعلم بأن من يعرف قيمة وطنه لا ينحرف، ومن يستشعر أهميته في مجتمعه لا يقدم نفسه قربانا لدعاة التكفير وزعماء التفجير، ومن يُعمل عقله لا يؤجره على مأجور هنا أو هناك.. يجب أن نعمل جميعا على استراتيجية وطنية شعارها «وطني الحبيب»، تحفظ ماضينا وحاضرنا من عبث العابثين، وأدعو من هنا كل الفاعلين للتجاوب ودعم هذه الاستراتيجية من كل فئات المجتمع.

فيما يخص التطرف أعلم بأن الدولة جادة جدا في مواجهته، وتواجه كل خروج عن الإسلام الصحيح، ولا تقبل بأنصاف الحلول عندما يتعلق الأمر بأمن وسلامة الوطن، والواجب أن تعمل كل الجهات لإسكات كل الأصوات المتطرفة، وهذا ليس تكميما للأفواه أو اعتداء على الحريات، ولكنه حماية للمجتمع من شرور لا يمكن مواجهتها بغير الحزم، وعلينا أن نعلم بألا حرية ولا حياد عندما يتعلق الأمر بالتطرف والقتل والعنف.

لا يمكن لأحد أن يبتسم بوجه من يحمل السلاح لقتله، ولا يمكن لدولة نجحت في مواجهة الإرهاب أن تستسلم لأرباب الضلالة والتكفير، وهي قادرة على الحزم والحسم، ولا ينقص عقلاءها الشجاعة على إعلان الحرب صراحة على كل خارج عن الإسلام الصحيح والإنسانية والعقلانية، احموا المجتمع في المدارس والجامعات والجوامع من دعاة الكراهية، واحموا المبتعثين من المجرمين الذين يؤلبونهم على دولتهم.. أمن هذا البلد خط أحمر، وثروة هذا الوطن هم شبابه وعلينا تشجيعهم وتقويتهم بالمواطنة والثقة بالوطن.

Towa55@hotmail.com

@altowayan

مقالات أخرى للكاتب