22-09-2014

الإسلام السياسي مقابل الغاز!

تعيش تنظيمات الإسلام السياسي أسوأ أزماتها هذه الأيام، فقد تبين أن التثوير العربي، والذي كان يفترض أن يحقق أحلامها الأبدية بالسلطة، كان هو الكابوس الذي لم تحسب له حساباً، إذ إن وصولها للسلطة في بعض بلاد الثورات، وما تبع ذلك من سلوكيات، وتنازلات سياسية لا تتفق مع أدبياتها الدينية، إضافة إلى استحواذها، وتهميش خصومها، وسوء استخدامها للسلطة، وعدم مقدرتها على التعامل مع الملفات السياسية، والاقتصادية، إضافة إلى ثورات الشعوب المضادة حيالها، وتجريم تنظيماتها في بعض الدول المهمة، كل ذلك ساهم في تقويضها، لدرجة أن كثيراً من رموزها اضطر للهجرة، أو التخلي عن التنظيم، وإنكار الانتماء له، كما في مصر، وبعض دول الخليج العربي.

ومع كل ذلك فقد كان أملها الوحيد هو الدول الغربية، التي رغم عمقها المعرفي في ماهية التيارات والأحزاب، ورغم كل جهود مراكز البحوث، والدراسات فيها، إلا أنها أخفقت في معرفة، أو الاعتراف، إن صح التعبير، بعلاقة تنظيمات الإسلام السياسي بالعنف، والإرهاب، حتى جاء «داعش»، واستطاع خلال فترة وجيزة من الأعمال الإجرامية، كالقتل، والتهجير أن يوقظ العالم الغربي من سباته، وأحلامه، ويجعله يفيق على الحقيقة المرة لهذه التنظيمات المسيسة، مع أنه كان، حتى قبل سنوات قليلة جداً، قد ساعدها في الوصول إلى السلطة في بلاد التثوير العربي، لاعتقاده بأنها تمثل الإسلام الوسطي المعتدل!!.

ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، ألقى محاضرة قبل أيام، في معهد أميركان انتربرايس، وقال في معرض انتقاده لإدارة أوباما، إنه يجب تجريم تنظيم الإخوان المسلمين، وذلك لأنه هو الأصل الأيدولوجي لمعظم الجماعات الإرهابية، وتشيني ممن يؤخذ قوله على محمل الجد، فقد عمل في مجال الأمن القومي الأمريكي لأكثر من أربعة عقود، ولم يكد تشيني يصرح بذلك حتى تسربت معلومات بأن الحكومة البريطانية تنوي فتح تحقيق في ممارسات تنظيمات الإسلام السياسي على الأراضي البريطانية، ومدى إمكانية تورطها في أعمال تضر بالأمن البريطاني، وعدم منح اللجوء السياسي لمن ينتمي لها، ومراجعة ملفات المقيمين على أراضيها، علما بأن بريطانيا تستضيف كثيراً من هذه الجماعات، وعدداً لا يستهان به من رموزها، بل إن كثيراً منهم يحمل الجنسية البريطانية، وكان غريباً أن تفيق بريطانيا بعد سبات عميق، فهي الدولة التي منحت جنسيتها لكثير من المتشددين، ومن ضمنهم من قال إنها - أي بريطانيا - كدورة مياه يستخدمها الإنسان عند الضرورة فقط!!، ويبدو أن ذبح «داعش» لمواطنين غربيين أحدث زلزالاً كبيراً لدى الدول الغربية، خصوصاً من كان متسامحاً منها لأقصى حد، كبريطانيا، فهل، يا ترى، ستفرج لتنظيمات الإسلام السياسي بعد أن ضاقت حلقاتها، أم أنها ستكون النهاية الأبدية لها؟، خصوصاً بعد أن وصل الحصار درجة أن احدى الدول قايضت دولة أخرى على استضافة رموز الإسلام السياسي مقابل الغاز!!.

ahmad.alfarraj@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب