23-09-2014

نحب الوطن ونختلف حوله!

من منا لا يحب وطنه؟ من لا يحب أرضه وأهله وناسه؟ لا أعتقد أن هناك من يفعل ذلك، لكننا نختلف في التعامل مع الوطن، نختلف في حبنا لهذا الوطن، هناك من يعتبر الحب هو في حجب الكلام كله، ما عدا كلمات، أمن وأمان، والله لا يغير علينا. صحيح، الله لا يغير علينا هذه النعمة والاستقرار، خاصة في عالم مضطرب يحاصرنا من كل الجهات الخمس، وليست الأربع، ولكن ما لم ننتقد هذا الوطن ونلومه، ونبحث عن تفوقه، سيتلهمنا العالم الدموي من حولنا، لحظتها لا ينفع أن نلوم بعضنا بعضاً، ويكون السيف سبق العذل، لذلك علينا أن نعمل جميعاً على كل المستويات، نناقش ونراجع خططنا، ونكشف إحصاءاتنا لأنفسنا، لا نعلنها كي نرد التهم من الخارج، بل لكي نعيد حساباتنا، تجاه قضايا كثيرة ومحورية تهم مستقبلنا، ومستقبل التنمية والاستقرار في بلادنا، مثل قضايا البطالة، وبالذات بطالة المرأة وحقوقها، والتعامل معها مواطناً كامل الأهلية، وقضايا الصحة والتعليم والإسكان وغيرها. لا نريد من وزرائنا الكرام تقارير سنوية غير دقيقة، بل لابد من تقارير واضحة وشفافة، حتى لو كانت سرّية، ولكن على الأقل لكي يستند متخذ القرار على معلومات صحيحة ودقيقة.

نحن جميعاً نحب الوطن، ولا نزايد على حبه وأمنه واستقراره، لكننا نخاف عليه كثيراً، لأننا نحبه كثيراً كثيراً، نحلم أن يأتي اليوم الذي نجد فيه أطفالنا وشبابنا جميعهم فخورين بوطنهم، ولا نجد بينهم من يتهكم أو يسخر، أو يمرر الرسائل والتغريدات التي تنتقص من قيمة هذا الوطن الكبير.

أحياناً أفكر، يشبه من الوطن؟ فأجده كالأب، قد يغضب عليك وتتقبل غضبه، وتخفض له جناح الذل من الرحمة، وقد تغضب عليه، وتلومه إن قصّر في تعليمك، وصحتك، واحتياجاتك الأساسية، لكنك حتماً ستغضب وتثور أكثر لو جاء ابن الجار وشتم أباك أو نال منه، ستتعارك معه، حتى لو كنت غاضباً من أبيك!

حينما ينتقد الكتّاب والمثقفون، بل وحتى الموطن نفسه، وطنه ويلوم تقصيره، أو تأخره في بعض القطاعات، فهو يفعل ذلك، لأنه يحبه، ويريد منه أن يكون في أفضل حال، وأبهى صورة!

يحزنني كثيراً حينما نختلف في معنى الوطنية، وحين يزايد أحدنا على الآخر بأنه أكثر وطنية منه، وحينما يتهم أحدنا الآخر بأنه يحارب الوطن، ويقوم بتشويهه، وكأن العالم لا يعرف ماذا يدور في بلادنا، رغم أنه يدرك أدق تفاصيله، لذلك علينا أن نعمل بإخلاص ونتجاوز الضجيج الفارغ، علينا أن نتخلص من عبارات «حنا غير» وأوهام خصوصية مجتمعنا، فإن كنا نريد مجاراة الآخرين والتفوق عليهم، يجب أن نؤمن بأننا جزء من هذا العالم! لماذا حين يأتي الشأن الاقتصادي نصبح جزءاً من العالم، ونتأثر بتحولاته وتغيراته وأسواقه، وحينما يأتي الشأن الاجتماعي نتوقف، ونردد: حنا غير، خاصة بعد أن أصبح معظم السعوديين يسافرون ويعيشون في الخارج، ويكتشفون أنهم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي العالمي، كما هو اقتصادهم وسياستهم جزء من اقتصاد العالم وسياسته!

لنتفق إذن على حب الوطن، ولنختلف في طريقة التعبير عن هذا الحب!

مقالات أخرى للكاتب