23-09-2014

كيف نواصل بناء الوطن؟ (1)

نحتفل اليوم بالوطن. فكل عام ونحن في أمان أمنه بخير. وبقدر ما أحبه أتساءل عن موقعنا من بناء الوطن ونحن نواجه تحديات الحاضر وطموحات المستقبل، وتراكمات ما عايشنا من أحداث سلبية وإيجابية داخل ديارنا وفي ساحة الجوار الحميم والإقليمي والعالمي.

فعلا ساحتنا كدولة وكمجتمع بين الثمانينات حتى اليوم كانت ساحة جذب ودفع بين تيارات فكرية، ومصالح فئات داخلية وخارجية، وأغبرة حروب في الجوار الإقليمي، وضغوط قوى لتأمين الطاقة العالمية، وسيناروهات تقدَّم لنا عما يتهددنا من مخاطر كدولة وكمجتمع من مصادر متعددة ليس أقلها ولا أشدها خطرا التنظيمات الإرهابية وتنامي التطرف والغلو. ومن القاعدة الى داعش يستمر حراك إشغالنا دولة ومجتمعا عن هدف استدامة التنمية.

ومع هذا فالطموحات والمشاريع والخطط لم تتوقف.

وقد ننتقد بطء التنفيذ وارتفاع التكلفة، ولكن ما يبقِي شعلة التفاؤل هو ثبات إيمان القيادة الحكيمة بضرورة مواصلة البناء والسعي لتصحيح ما حدث من تجاوزات، والتصدي لأنانية الفئات والتيارات المغرضة التي تزرع بذور الشر والتفرقة. ويظل التركيز على استقرار الوطن متزامنا مع العمل لرضا المواطن والأمن والأمان المعيشي، ما يرتبط جذريا بترسيخ منهج الوسطية والاعتدال، واستراتيجية بناء الوعي العام ومحاربة التطرف والفساد ومحاسبة من يستمر فيهما. وقائمة برامج ونواحي التصحيح بدأت وتترى بوتيرة تتصاعد. فتحقيق استقرار وأمان ورضى المواطن يتطلب استمرارية تنفيذ تطوير خدمات القضاء ومناهج التعليم والرعاية الصحية والإسكان، وحماية حقوق المستهلك. كما يتطلب استمرار تمكين المواطن بتوفير مجالات التخصص والتدريب والعمل، وضمان حماية العامل والموظف والطفل والمرأة من الاستغلال، ومعاقبة التحرش وتطبيق نظام الأحوال الشخصية. وأمن الوطن يتطلب حماية حدوده، وتقوية موقفنا دوليا في المفاوضات والأزمات، والتصدي لمحاولات تأجيج الصراعات الطائفية والمناطقية محليا وإقليميا، والوسيلة هي بناء الوعي والأمن الفكري والقضاء على الانتهازية المحلية والخارجية التي تسعى للاصطياد في المياه العكرة. والمسألة ليست مسألة شعارات وقوانين نظرية، بل يجب متابعة التنفيذ حيث استدامة بناء ونماء الوطن لا تحقق إلا بأن تبنيها عقول وسواعد أبنائه وبناته على السواء محصنة بالرضى والولاء والوفاء وصدق الانتماء.

اللهم في يوم الوطن أسبغ على من استشهد في خدمته الرحمة والمغفرة تغمده في جنانك .. ولذويهم تحية خاصة.

لك منا يا وطن كل الحب والعهد والوعد وكل الصدق وكل الولاء.

ومنك ننتظر الثقة والدعم وإتاحة الفرصة لمواصلة البناء.

كل عام وأنت بخير يا وطن العز وأمل المستقبل.

بارك الله لنا فيك.. وبارك لك فينا وفي أبنائنا وأحفادنا.. وأدام عزك وأمن أرضك وبحرك وسمائك.

وأمطرك بنعمه لتزهر بصروح الحضارة صحاريك وسواحلك وجبالك.. لنحتفل جميعا بتحقق أحلامنا وتجسدها.

أبقاك الله قويا أبيا إيجابيا تحت الرؤية الواضحة والقيادة المخلصة لخادم الحرمين الشريفين وجنوده من قمة الهرم حتى قواعده ..

وحمى حدودك ومنجزاتك بسواعد وقدرات رجالك ونسائك.. اللهم آمين.

مقالات أخرى للكاتب