رفع تهنئته للقيادة الحكيمة بمناسبة اليوم الوطني..

العايد: صندوق التنمية الصناعية يسهم بتنفيذ خطط التنمية الوطنية

يشرِّفني أن أتقدم لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد والأسرة المالكة ولجميع أفراد الشعب السعودي الكريم بأسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة اليوم الوطني الرابع والثمانين للمملكة العربيَّة السعوديَّة، حيث تجسِّد هذه المناسبة العظيمة ذكرى ملحمة تاريخية تحققت بفضل الله، ثمَّ بجهود موحدها جلالة الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود

- طيَّب الله ثراه- الذي وحدها وجمع شملها وعم الأمن جميع أركانها، ووصلت مشروعات التنمية الاقتصاديَّة والتطوير كافة مناطقها.

وقد تكلَّلت هذه الجهود التي تبذلها حكومة المملكة العربيَّة السعوديَّة منذ توحيدها على يد مؤسسها الملك عبد العزيز -رحمه الله- في نقل المملكة من اقتصاد بدائي إلى اقتصاد حيوي ومتعدد الأنشطة، بحيث مكن المملكة بكلِّ فخر واعتزاز من تبوؤ مكانة مرموقة في الاقتصاد العالمي وخصوصًا في مجال التنمية الصناعيَّة، حيث اخترقت صادرات المملكة من المنتجات الصناعيَّة خاصة البتروكيماويات العديد من الأسواق الدوليَّة وباتت تنافس بجدارة الكثير من صادرات الدول المتقدمة، علاوة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع الصناعيَّة التي كانت تستورد.

نمو الصادرات غير النفطية

وشهدت المملكة عامًا حافلاً بالمنجزات، خاصة على الصعيد الاقتصادي، حيث انعكست هذه المنجزات بصورة إيجابيَّة على أداء المؤشرات الاقتصاديَّة الكلية، إِذْ نما إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للمملكة بمعدل 4 في المئة في عام 2013م، ويُتوقَّع أن يواصل أداءه القوي محققًا نموًّا بنسبة 4.6 في المئة في العام الحالي 2014م.

أما على صعيد الصناعات التحويلية، فقد حققت أيْضًا إنجازات مماثلة تجسَّدت في تسجيلها لنمو قدره 4.3 في المئة في عام 2013م ليرتفع بذلك نصيبها من الناتج المحلي الإجمالي إلى 13.5 في المئة لتحتل بذلك المركز الثالث ضمن أهم الأنشطة الاقتصاديَّة في المملكة.

هذا وقد شهدت الصادرات غير النفطية - وهي في معظمها صادرات صناعيَّة - نموًّا قويًّا بنحو 5.9 في المئة في عام 2013م، وتشير التوقعات إلى زيادة هذا النمو إلى 6.7 في المئة بنهاية العام الحالي 2014م.

لم تكن لتتحقق هذه الإنجازات الصناعيَّة لولا الدعم الكبير من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- للتنمية الصناعيَّة في المملكة، حيث نال صندوق التنمية الصناعيَّة السعودي نصيبًا وافرًا من هذه الرِّعاية مكن الصندوق من مضاعفة جهوده في تنمية القطاع الصناعي وذلك عبر دعم مشروعات القطاع الصناعي وخلق الوعي الاستثماري بالمملكة والمتمثل في تقديم القروض التمويلية الميسرة المتوسطة وطويلة الأجل للقطاع الصناعي الخاص بالإضافة إلى تقديم خدماته الاستشارية في المجالات الفنيَّة والإدارية والماليَّة والتسويقية للمصانع المقترضة.

ونظرًا للإقبال الكبير من قبل المستثمرين على قروض الصندوق ونجاح الصندوق في القيام بمهامه، فقد تمَّت زيادة رأس مال الصندوق عدَّة مرات مرتفعًا من 500 مليون ريال في بدايات إنشاء الصندوق ليصل إلى مستواه الحالي البالغ 40 مليار ريال. وقـد انعكست هـذه الزيادة إيجابًا على أداء القطاع الصناعي السعودي، حيثُ تمكن الصندوق من التوسع في عمليات إقراض ودعم المشروعات الصناعيَّة بما يتواكب مع النهضة الاقتصاديَّة الكبيرة التي تشهدها المملكة.

ارتفاع القروض الصناعيَّة

وكان من نتائج الدعم المتواصل الذي يحظى به الصندوق من لدن حكومة خادم الحرمين الشريفين أن بلغ إجمالي عدد القروض الصناعيَّة التي اعتمدها الصندوق منذ إنشائه وحتى منتصف شهر ذي القعدة 1435هـ (3713) قرضًا بقيمة إجماليَّة قدرها حوالي (116) مليار ريال قـُدمت للمساهمة في إنشاء (2668) مشروعًا صناعيًّا في مُختلف أنحاء المملكة. كما بَلغت جملة القروض التي تَمَّ صرفها من هذه الاعتمادات مبلغًا وقدره (79) مليار ريال، سـُدد منها للصندوق حوالي (49) مليار ريال مما يعكس النجاح الكبير للتنمية الصناعيَّة والتفاعل الإيجابيّ الذي يُبديه المستثمرون وتفهمهم لدعم حكومة خادم الحرمين الشريفين للقطاع الصناعي وللدور الذي يقوم به الصندوق في دفع عجلة التنمية الصناعيَّة في المملكة إلى الأمام. وتدل هذه الأرقام دلالة واضحة على جودة مناخ الاستثمار في المملكة الذي أدَّى إلى تزايد إقبال المستثمرين المحليين والأجانب على الاستثمار في القطاع الصناعي والاستفادة من قروض الصندوق وخدماته الاستشارية التي يقدمها للمقترضين.

واهتمامًا من خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بالعمل على تحسين التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة، فقد صدر قرار مجلس الوزراء الموقر القاضي بتمكين الصندوق من تقديم حوافز إقراضية جديدة مخصصة للمشروعات الصناعيَّة المستثمرة في المناطق والمدن الأقل نموًّا وذلك بهدف أحداث تنمية صناعيَّة لصالح هذه المناطق من خلال رفع نسبة التمويل للمشروعات المقامة فيها بما لا يزيد عن 75 في المئة من التكلفة المؤهلة للتمويل وتمديد فترة السداد بما لا يزيد عن 20 عاما، وذلك وفقًا لضوابط محددة. وقد ظهرت مؤشرات إيجابيَّة لهذا التوجُّه الإستراتيجي لحكومة خادم الحرمين الشريفين، فعلى سبيل المثال ارتفع نصيب قروض الصندوق لمشروعات تقع في المناطق والمدن الأقل نموًّا ليصل إلى 48 في المئة من حيث عدد القروض وحوالي 52 في المئة من حيث قيمة قروض الصندوق المعتمدة خلال العام المالي الحالي حتَّى منتصف شهر ذي القعدة 1435هـ، علمًا بأن هذه النسبة كانت قبل تطبيق الحوافز الجديدة لا تتعدى 15 في المئة من حيث عدد القروض المعتمدة وحوالي 16 في المئة من قيمتها.

كما واصل الصندوق دعمه للقطاع الصناعي المحلي، من خلال تمويل المشروعات الخدميَّة للقطاع الصناعي المنفذة داخل المناطق الصناعيَّة التي تهدف إلى توفير خدمات مساندة ولوجستية تساهم في توفير مناطق صناعيَّة متكاملة الخدمات وتهيئ مناخًا جاذبًا للاستثمارات الصناعيَّة داخل هذه المناطق، وتُعدُّ هذه الخدمات امتدادًا لما سبق أن بدأه الصندوق في تقديم التمويل لمثل هذه المشروعات التي تمثِّل رافدًا أساسيًّا للصناعات التحويلية، وسيظلُّ الصندوق يستحدث من الإجراءات كل ما من شأنه خدمة القطاع الصناعي المحلي ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.

وإيمانًا من الصندوق بأهمية تنسيق نشاطه الإقراضي مع أهداف خطط التنمية المتعاقبة، فقد ظلَّ نشاطه على الدوام متوافقًا مع هذه الأهداف، حيث ساهم في دعم الصناعات التي تتواكب مع تطلعات كل مرحلة من مراحل التنمية التي شهدتها المملكة، ابتداء من إحلال بعض المنتجات المستوردة وانتهاء بتوطين الصناعات الكيميائية والإنشائية والهندسية وتصديرها.

وانسجامًا مع احتياجات المرحلة التنموية الراهنة تكشف بيانات الصندوق منذ تأسيسه حتَّى منتصف شهر ذي القعدة 1435هـ استحواذ قطاع المنتجات الاستهلاكية على 27 في المئة من عدد قروض الصندوق التراكمية، يليه قطاعي المنتجات الكيميائية والهندسية بنسبة 25 في المئة لكل منهما، فقطاع مواد البناء الأخرى بنسبة 16 في المئة. وسيواصل الصندوق متابعة كافة المستجدات الاقتصاديَّة وسيعمل باستمرار على تحقيق أهداف خطط التنمية في المجال الصناعي.

المشروعات الصناعيَّة الصَّغيرة:

وفيما يتعلّق بدعم الصندوق للمشروعات الصناعيَّة الصَّغيرة واستشعارًا منه بالدور المأمول منه في دعمها ومواكبة للاهتمام الحكومي المتنامي لرعايتها، فقد شرع الصندوق باتِّخاذ عدد من الإجراءات الكفيلة بزيادة فرص هذه المشروعات في الحصول على قروض صناعيَّة وذلك بما يتوافق مع نظامه الأساسي والتزاما مهنيًّا منه كعادته بما يناط به من أدوار على المستوى الإستراتيجي والوطني. فعلى سبيل المثال، نتج عن هذا الدعم من قبل الصندوق لهذه الفئة من المشروعات إنشاء قسم مختص بتقييم طلبات قروض المشروعات الصناعيَّة الصَّغيرة (15 مليون ريال فأقل) هدفه تسهيل المتطلبات اللازمة للتقييم وتسريع إجراءات دراسة الطلبات بمهنية تتناسب مع حاجة هذا القطاع مع المحافظة على الأسس الرئيسة اللازمة لاعتماد التمويل مثل الجدوى الاقتصاديَّة للمشروعات وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الصندوق. وقد أثمرت جهود الصندوق في هذا الشأن في اعتماد (57) قرضًا لفئة المشروعات الصناعيَّة الصَّغيرة خلال العام المالي الحالي حتَّى منتصف شهر ذي القعدة 1435هـ بقيمة تبلغ (419) مليون ريال تمثِّل 64 في المئة من عدد قروض الصندوق خلال هذه الفترة ونحو 11 في المئة من قيمتها. وسوف تضخ هذه المشروعات الصَّغيرة استثمارات يصل حجمها إلى نحو (858) مليون ريال.

واهتمامًا من الدَّوْلة بالمنشآت الصَّغيرة والمتوسطة فقد تَمَّ إنشاء برنامج كفالة تمويل المنشآت الصَّغيرة والمتوسطة في عام 1426 - 1427هـ (2006م) الذي أُسند إدارته للصندوق بهدف تنمية هذه الفئة من المنشآت وتشجيعها لمزاولة مختلف الأنشطة الاقتصاديَّة.

اعتمد البرنامج منذ انطلاقته وحتى منتصف شهر ذي القعدة 1435هـ عدد (9947) كفالة بقيمة إجماليَّة قدرها (4.8) مليار ريال، مقابل اعتمادات تمويل قدمتها البنوك المشاركة في هذا البرنامج بمبلغ (9.6) مليار ريال لصالح (5064) منشأة صغيرة ومتوسطة في مختلف القطاعات وفي كافة مناطق المملكة الإدارية. وقد كان أداء البرنامج مميزًا خلال العام المالي الحالي إِذْ بلغ عدد الكفالات المعتمدة خلال هذا العام حتَّى منتصف شهر ذي القعدة 1435هـ عدد (2667) كفالة بقيمة (1.199) مليون ريال مقابل تمويل قدمته البنوك المشاركة في البرنامج بلغت قيمته حوالي (2.446) مليون ريال، أيّ بزيادة 51 في المئة عن عدد الكفالات و29 في المئة عن قيمتها وبزيادة 43 في المئة عن قيمة التمويل المقدم خلال نفس الفترة من العام المالي السابق.

وجدير بالذكر أن نشاط البرنامج لم يقتصر على إصدار الكفالات لتوفير التمويل اللازم لقطاع المنشآت الصَّغيرة والمتوسطة، بل امتد ليشمل جانب التدريب والتثقيف والتطوير وتنمية روح العمل الحر لدى الشباب، وذلك من خلال عقد دورات تدريبية وورش عمل تثقيفية بالتعاون مع بعض الجهات الدوليَّة والمحليَّة. كما نظم البرنامج عددًا من الفعاليات التثقيفية تحت مسمى (يوم المنشآت الصَّغيرة والمتوسطة) بالتعاون مع الغرف التجاريَّة والبنوك المشاركة لتعريف أصحاب المنشآت بالبرنامج وشروطه ومستلزمات وآليات العمل، كما شارك البرنامج في تنفيذ دورات تدريبية بمختلف مناطق المملكة الإدارية بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدوليَّة التابعة للبنك الدولي والغرف التجاريَّة الصناعيَّة السعوديَّة تحت مسمى (أساسيات البداية في تشغيل وإدارة الأعمال التجاريَّة) موجهة إلى أصحاب المنشآت الصَّغيرة والمتوسطة. إلى جانب المشاركة في العديد من المنتديات والملتقيات والمعارض الخاصَّة بالمنشآت الصَّغيرة والمتوسطة.

وختامًا فإنَّ ذكرى اليوم الوطني مناسبة نستذكر فيها مراحل تنمية وبناء هذا الوطن وعزيمة قيادته، حيث تشهد المملكة في كلِّ عهد إنجازات عملاقة تضيف إلى كيان الوطن شموخًا واستقرارًا، كما نسأل الله أن يوفق حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي ولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز حفظهم الله، وأن يوفقهم ويعينهم على مواصلة رفع مقام المملكة بين سائر الأمم.