24-09-2014

دعشنة التعليم ..!

بعض توجهات العاطفة غريزية لا يمكن التشكيك بوجودها وإن اختلفت في كميتها وعمقها.. نولد ونموت بها.. إلا إن صادفتها عقلية معلم مريضة.. عندها يمكن أن تشوه العاطفة خصوصاً إن بدأت في سن مبكرة.. حتى وإن كانت أعظم عاطفة يمكن للحياة أن تفخر بها.. كالعاطفة التي تربط بين الأم وابنها أو العكس.. في ظروف قاسية وغامضة يمكن أن يدخل بينهما العداء في صورة بشعة.

ولأن العاطفة الوطنية عند المتشددين مثار شك وريبة.. تظهر في مواقف مختلفة.. كأن حب الوطن أو الذود عنه يتنافى مع قداسة الدين!

هؤلاء يمكننا حصر عقدتهم في إشكالية اختزال الوطن في أشخاص.. وحقيقة لا شأن للدين بها.. نبات ترعرع في مدارسنا.. وحصدنا من كراهيتهم عدوانًا وظلماً.

عندما قال وزير التربية والتعليم إن تعليمنا مختطف.. ثارت الأقلام والمنابر.. وبدأ الدفاع عن الدين.. رغم ما نعانيه اليوم من جفاف اجتماعي يمكن أن تسببه «الموسيقى».. أليس منّا من يقاطع أفراح الآخرين ويبني بينه وبين أهله أسواراً من الجفاء من أجل طبلة!

فمن يترجم لنا موقف المعلم الذي يرى أن صور فتيات في كتب تعليم الأولاد تغريباً وحرباً على الدين! مع أن رد الأطفال جاء مطمئناً في تعليقاتهم البريئة عن الزواج.. فهذا مؤشر طيب.. لارتباط الإعجاب أو الحب في مخيلتهم بالزواج.. فلم يستطع المعلم «الجاهل» أن يكبح جماح دعشنته.. ويستغل الموقف لصالح العاطفة السليمة بين الرجل المرأة وكيف لها أن تكون إسلامية التوجه.. إنما حورها إلى نفس المنهج الدعشني.. ليدق أول مسمار في نعش الولاء بين الدولة والمواطن..

فمن أين لهذه العقول الغضة أن تجمع بين حب الوطن.. وحكومة تحارب الدين؟

هي ليست مغالطة فقط إنما جريمة.. على مدى سنوات طويلة خرج لنا أبناء يكرهوننا باسم الدين.. يحاربوننا باسم الدين.. يكفروننا ويكفرون دولتنا باسم الدين..كيف أتت كل تلك الأحقاد؟.. إنها بدأت تحت يد معلم زرع في عقل الطالب كيف تكون «شيطنة الآخر» واعتباره مخلوق أقل شأناً.. وشرّ محض يكيد المؤامرات ليسقط الدين الذي يمثله فلان وعلان!

ومن مزق كتب العلم ليدفن صور الفتيات الصغيرات في سلة المهملات.. ويرمي بها أرضاً كأنما يتبرأ من خطيئة.. كيف له أن يفسر ويشرح ما جاء في القرآن الكريم عن الزواج والسكن والحرث والزنا والشهوة واللواط.. إلخ؟

أي تعليم وأي عقد وأي تشويه ينتظر أطفالنا من المعلم الجاهل المحبوس في جسده؟

نعم يا وزير التربية والتعليم.. تعليمنا مختطف ومأسور ومسحوق تحت أقدام الفكر الداعشي.. في الفصول.. ومصلى المدرسة.. وعندما يصدح النشيد الوطني صباحاً وتتمعر وجوههم.. وتعقبه إذاعة صباحية قليلاً ما تخرج عن ذكر الموت والنار والعذاب!

حريٌ بنا أن لا يديرها إلا بشر أسوياء.. لن يحالوا أن يفصلوا الدين عن الوطن.. فديننا رحمة وسلام وإعمار للأرض والبشر.. وليس حاصداً للأرواح أو المشاعر كما يصورها هدير الرسائل الدعوية الساذجة لمقاطعة الفرح.. وتجريم حتى الاحتفاء باليوم الوطني.

فكل عام وأنت آمن مطمئن يا وطني.. ولك الوعد أن نعينك لتصبح أفضل بنا ولنا.

amal.f33@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب