إذاعات هشة وخادشة

نبيل حاتم زارع

لفت نظري قبل أيام بسيطة لقاء مع أحد مديري الإذاعات المحلية بإحدى الصحف، التي تتطرق فيها إلى عدد من المواضيع المتعلقة بشأن الإذاعة، وكان من ضمنها رأيه في إذاعات FM. ويبدو أنه كان قاسياً جداً في وصف هذه الإذاعات بأنها (خادشة وهشة). وأنا شخصياً حاولت أن أكرر قراءة الموضوع في هذا الجزء تحديداً، وقلت لعله يتحدث عن إذاعات خارجية، إلا أنني وجدته يصف الإذاعات الشبابية التي دوماً ما أشجع العاملين فيها بما يقدمونه من تميز.. ومع كل التقدير والاحترام لمكانة المسؤول الإعلامية والوظيفية، التي يجب ألا نغفلها.. لكن في تصوري، إن وصفه جارح جداً لملاك الإذاعات وللقائمين وللعاملين بأن إذاعة محلية بنمط غير تقليدي توصف بمثل هذا الوصف، وكنت أتوقع على أقل تقدير أن يقول إنها إذاعات لها طابع خاص، ولها جمهور معين، ولها استراتيجية محددة، وتستهدف شريحة معينة، تختلف عن استراتيجيات الإذاعات الرسمية، خاصة أننا نقدر الإذاعات الرسمية، ونعلم تاريخها المضيء، وللقامات الإعلامية الكبيرة التي عملت معها، خاصة أنني من أقارب بعض الأسماء الإعلامية الكبيرة، وهو عمي الراحل خالد زارع والأديب عبدالكريم الخطيب، وأنا هنا لا أود استعراض ذاتي بقدر تأثري بالوصف المفاجئ لهذه القنوات التي أعتبر أنها نجحت وبتفوق في خدمة الشباب وتحقيق رغباتهم وتطلعاتهم بعيداً عن النمط السائد، وترك مساحة جيدة وبرقابة مهنية وبرقابة ذاتية بالتحرك ضمن الهوية السعودية.. وقد يكون للمسؤولين عن هذا الجهاز الإعلامي في الدولة رؤية خاصة أو لهم ملاحظات معينة، أنا وغيري من الجمهور لا نعرفها، وقد لا نلمسها، فبإمكانهم أن يتخذوا الإجراءات النظامية في ذلك، وتغيير المسار إذا كان خاطئاً، وإذا لم يكن هناك تجاوب فبالتأكيد لهم إجراء معين يُتخذ.. ولكن أن توصف من مسؤول إعلامي كبير له مكانته الرسمية والإعلامية بهذا الوصف فأعتبر الأمر مخيفاً جداً، وأنا اختلفت مع أحد المسؤولين الكبار والجديرين حقيقة بالتقدير والاحترام بأن هذا لا يمثل رأياً شخصياً، ولا يعتبر وجهة نظر؛ لأن ما يقوله مسؤول في مكانة وظيفية مرموقة يعدّ أمراً رسمياً، هو بالأصح يعبر عن وجهة نظر الجهاز الرسمي المخول باتخاذ التدابير اللازمة بحكم قربه من أصحاب القرار.. ولكن أنا أقول: لا، طالما نحن المستمعين لم نتلمس بعض التجاوزات السيئة بشكل مباشر أو بطريقة تسيء للجهاز فلا أتصور أن جانب القبول يلعب دوراً هنافإذا أنا لم أتقبل نوعية البرامج التي تقدمها الإذاعات الشبابية فبالإمكان عدم متابعتها، أما أن أحكم بأنها تسير في مسار خاطئ فهنا يجب التوضيح بشكل رسمي ومنعها.. وقد تابعنا العديد من البرامج الإيجابية المتنوعة في هذه الإذاعات، سواء بالجانب الطبي أو الجانب الاجتماعي أو الجانب الشرعي أو الجانب الثقافي بشكل عام، عوضاً على الجوانب الترفيهية، فلديهم باقة متنوعة ومحددة لشريحة معينة، ونسبة استماع مرتفعة، والأهم نسبة الإعلانات العالية، إلا إذا كانت نسبة الإعلانات لا تمثل مقياساً لدى المسؤولين، فهذا أمر آخر.