السياسة المرضية

عبد المجيد محمد المطيري

ابتعدنا عن السياسة.. وأبت السياسة أن تبتعد عنا.

إن للسياسة طرقاً غريبة، فمن يحاول أن يبتعد عنها تأتي إليه وبكل اعتزاز كطبق من ذهب!

فالسياسة أصبحت شريان المواطن العربي وعقله الحائر بين لقمة العيش والوضع الذي يعيش فيه .. دخلت السياسة كل بيت.. واندمجت في الاجتماعية لتصبح شكلاً من أشكال التخطيط والفكر الأسري.

وكلما نظرت إلى من هم حولك ستجد عامل السياسة يلعب دوره في توطين المعتقد السياسي في شتى مجالاته الحياتية.

ومن هذا المنطلق.. أصبحت السياسة نبض الحياة البشرية التي يعيشها الإنسان على وجه الكرة الأرضية.

فكل شيْ تدخله السياسة.. حتى الصحة وهي سياسة تحتاج مني كممارس صحي أن أتعمق في الحديث حولها.. ففي كل عام يظهر لنا مرض جديد وفيروس يفتك بالدول النامية ودول العالم الثالث كما يسمونه!

وهذا الفيروس والمرض ليس له علاج.. بل ربما هنالك أدوية وقائية، وهنا ينطق علماء الصحة قولاً: « الوقاية خير من العلاج «.

سؤالي.. لماذا تظهر هذه الأمراض فجأة وتختفي فجأة ؟!

ولما تتكبد الدول الفقيرة تكاليف العلاج التي تشتريها من شركات عالمية، يقف من ورائها رجال ودول عظيمة وغنية، مع العلم أن تلك الأمراض والفيروسات لم تنتشر ولم تتعدّ محيط تلك المناطق الوبائية الفقيرة أو المغرر بها !

هنا في الوطن العربي.. يتحدث مواطن بسيط بعيداً عن فلسفة العلماء وسياسة وزراء وأطباء الصحة، ولكن هناك شيء يخالج صدري سأكتبه بكل جرأة ..

خلال الأعوام الماضية تحدث العلماء حول أمراض كثيرة مجهولة الظهور ومجهولة الاختفاء !!

وتكبدت الدول المليارات واغتنت الشركات الدوائية بينما ظل الفقر فقراً لدى الدول النامية، وظلت المأساة كما هي!

فالسياسة المرضية وداء التوهُّم والعامل النفسي، لها دور كبير في تشكيل معتقد المرض والإصابة به، حتى وإن أصبح شيئاً مجهولاً !

فالاعتقاد وتضخيم الأمور و الإعلام لها الدور أيضاً في صناعة المرض!

الحمد لله في مملكتنا الغالية نحن نعيش في رغد وأمن ورعاية صحية متكاملة، ولكن أليس هنالك أشياء تدعو للتعجب والقلق والحديث حول شيء ما مجهول السبب؟!

هل نقول.. نحن في انتظار وباءٍ جديد بعد كل تلك الأوبئة والأمراض والفيروسات ..

جنون البقر.. الحمى الشوكية.. أنفلونزا الطيور..أنفلونزا الخنازير..كورونا.. والقادم أخفى أجارنا الله !

حمى الله البلاد والعباد من كل مكروه.. وتبقى في النفوس حكايات وأحاديث كثيرة لا يمكن إخفاؤها في الصدور للأبد !

نحتاج وقفة لنتعلم منها..كيف للسياسة أن تتدخل في كل شيء حتى ملبسك!

- جدة