06-10-2014

تفسير أحلام (سياسية)!

دخل كُتَّاب السياسة والمختصون في الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى مرحلة تشبه ما مرت به بلادنا من انتشار مفسري الأحلام وكمية الجدل والحيرة التي كانوا يبثونها في أذهان الناس، حتى أصبحنا لا نعرف منهم الصدق من الكذب؛ لدرجة وصلت بهم لتفسير حلم بفوز نادي رياضي معين ببطولة الدوري، وتفسير حلم آخر بحدث سياسي مهم لمداعبة أحلام وأماني الناس، وللأسف كانت تحصد مثل هذه البرامج الملايين من المشاهدين العرب المتعطشين لرؤية أحلام سعيدة قد حرموا منها دهورا بأكملها حتى أصيبوا بالإحباط والخيبة والفقر فذهبوا يبحثون عن التفاؤل والغني عبر البحث عن تفسير حلم عابر!

ومثل ما حدث في برامج تفسير الأحلام يحدث الآن في برامج السياسة، وكًتَّاب الرأي، الصحف عبر وسائل الإعلام العربية المتعددة، الكل يشعر بالخوف وعدم الارتياح، وهذه حالة تسمح لكل من هب ودب بأن يدلي بدلوه ويتشدق بأقاويل لا تمت للحقيقة بصلة، لكن حالة القلق العام تسمح لهذه الأقاويل بأن تنتشر وتجد لها مروجين جهلة أو حاقدين يمنّون النفس بحلول الخراب والفوضى، لا سمح الله، أغلب كُتَّاب الرأي السياسي العربي والمحللون السياسيون العرب يزعمون أنهم يفهمون ما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة، وما تفعله إيران، ومايفعله الخليجيون، وما تفعله إسرائيل، في سباق محموم على ادعاء المفهومية والتسابق على الظهور والتنفع المادي، وقد ذهبت في عجالة وبحثت عن كلام بعضهم حول أحداث سياسية ماضية فوجدت أن الكثيرين منهم لم يأتوا إلى الكتابة السياسة عبر التخصص أو الدراسة، بل أتوا اليها مثلما أتى بعض مفسري الأحلام وبعض محللي القنوات الرياضية عبر (الفهلوة) وادعاء المفهومية في مجتمع لديه من البرامج الإعلامية السطحية ما يكفيه، وما يجعله غير قادر على تمييز الغث من السمين تحت ضجيج هائل يضرب رأسه نتيجة شظف العيش وضغوط الحياة الأخرى التي تجعله مشغولا عن إبداء رأيه أو ملاحظاته حول ما يكتب إليه!، المرحلة الآن مرحلة ذات اهتمامات سياسية جعلت من الجميع يركضون خلف تحليلات وكتابة بعض المحللين السياسيين والبحث عن أفضلهم في هذا المجال مع اعتقادي أنهم قلة يغلب على كتاباتهم الأماني الشخصية وبعض الانتماءات والمحاذير حتى ظهروا فعلا كمحللي كرة القدم لهم رأي قبل الحدث يعاكس تماماً رأيه!

إنها مرحلة إعلامية تواكب مرحلة سياسية في المنطقة، لكنها أقل بكثير مما يجب أن تكون عليه، فقد ساهم هؤلاء مفسرو الأحلام السياسية بزيادة حالة التسطيح السياسي التي كانت تعيشها الشعوب العربية، بل إن الشعب العربي كانت أكبر خيباته وصدماته في مثقفيه وإعلامييه الذين لم يمر حدث وكانوا في مستواه، لم يمر حدث ونجحوا في كسب ثقة الشعوب التي جعلت منهم إعلاميين ومنحتهم شهرة لا يستحقونها!

Twitter: @sighaalshammri

مقالات أخرى للكاتب