رخص المعلمين والمشرفين هي الحل

منيف الضوي

لست متشائماً، ولكن واقع التعليم لدينا يحتاج إلى مزيد من التطوير المدروس، الأمر في نظري يتجاوز الميزانيات الضخمة إلى ضرورة وجود تخطيط إستراتيجي مدروس، والتربويون يتفقون أن التطوير الحاصل في مجالات المبنى المدرسي والمقررات الدراسية لم يطل المعلمين والمشرفين، فالمعلم لا يزال يسبح في فضاء بعيد عن الفكر التطويري المتلاحق في الوزارة، إذن كيف السبيل إلى ردم هذه الفجوة بطرق واقعية وبسيطة وعملية غير مكلفة؟ الاعتماد المهني أورخص ممارسة المهنة هي الحل من وجهة نظري المتواضعة؛ فالمتأمل في واقع الأنظمة التعليمية في الدول المتقدمة التي تبنت الاعتماد المهني ثقافةً وممارسةً لضمان جودة التعليم وضبط مخرجاته يدرك أثر الاعتماد المهني في ما حققته تلك الأنظمة من نجاح وتقدم، والاعتماد كنظام يمثل منظومة متكاملة لا يمكن التعامل معه بصورة مجتزئة، فالاعتماد المهني يمثل مرحلة لاحقة للاعتماد المؤسسي والاعتماد البرامجي، والتعليم يقوم على المهنية التي تقتضي التأكد من أهلية من يزاولها وقدرته على الوفاء بمتطلباتها، ومن هنا بات الاعتماد المهني أمراً حتمياً وضرورة للمعلم كما هو أكثر ضرورةً و إلحاحاً للمشرف التربوي باعتباره قائداً تربوياً، ولذلك يتيح الترخيص بمزاولة المهنة -وفق نظام الاعتماد المهني- للمعلم وللمشرف التربوي أن يمارس عمله وقد تلقى التأهيل الكافي بشكل يجعله يقوم بأدواره تجاه المعلمين والبيئة التعليمية -عموماً- بنجاح، بعيدا عن الاجتهادات التي قد تقود إلى إخفاقات متوقعة في الممارسات الإشرافية.

وفي إطارحركة الاعتمادية ثمة خطوات عملية في المملكة تم اتخاذها في هذه الطريق المؤدية إلى نشر ثقافة الاعتماد المهني، من خلال توجه الوزارة لإخضاع المرشحين للعمل الإداري والإشرافي وكذلك المعلمين لاختبار الكفايات، وكذلك تطبيق مفهوم المؤشرات الإشرافية، واعتماد الخطط التشغيلية وملفات الإنجاز للمعلمين وغيرها، ومن هذا المنطلق فقد بات من الضرورة بمكان تطبيق مفهوم (الاعتماد المهني) للمعلمين وللمشرفين التربويين في المملكة في ظل وجود هذه الأرضية الصلبة -المتمثلة في توجهات الوزارة- التي سبق ذكرها، من أجل الاعتراف بكفايتهم لممارسة المهنة وفق أسسها الصحيحة ضمن معايير معتمدة ومخطط لها في إطار منظومة تعليمية متكاملة. وبالتالي وجود آلية عمل واضحة يتم بموجبها إعداد المعلمين والمشرفين التربويين ومراقبة نموهم المهني وضمان مخرجاتهم التعليمية والتربوية عالية الجودة بما يتفق مع التوجهات العالمية المعاصرة في تمهين وتجويد التعليم من خلال حركة الاعتماد المهني والمعيارية و المحاسبية في التعليم، عن طريق انتقاء أفضل الكوادر البشرية المؤهلة والحكم الصادق على أدائهم وفق معايير محددة وواضحة. كذلك من المهم تشجيع الباحثين التربويين على مزيد من البحوث المماثلة عن طريق نشر ثقافة الاعتماد المهني في المؤسسات التعليمية والتربوية. وتقديم رؤية علمية للمسؤولين والقيادات التعليمية في المملكة للاستفادة منها وتطبيقها في مستويات عدة من المنظومة التربوية والتعليمية، والاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا.

والملاحظ لجهود الوزارة اليوم يلمس الهدرالحاصل في هذه الوزارة، فالميزانيات الضخمة حولت معظم المدارس إلى بيئات طاردة، وأفرزت جيلاً من التلاميذ لا يستطيع أكثرهم كتابة اسمه بشكل صحيح، ناهيك عن غياب مخيف لكثير من القيم والاتجاهات المهمة كالقراءة واحترام المعلمين وغيرها، وذلك نتيجة التقصير في تهيئة المعلمين ومواكبتهم للتطورات المتلاحقة نتيجة ضعف التدريب وبرامجه المختلفة التي تركز على الأرقام دون النظر إلى الجودة.

لذلك نؤكد على أهمية منح الرخص للمعلمين والمشرفين التربويين في إطار ما يسمى بمفهوم الاعتماد المهني، فهل تفكر وزارة التربية جدياً في هذا الأمر؟ نأمل ذلك بوجود عقلية إدارية وفكرية رائعة مثل الوزير الحالي الأمير خالد الفيصل.