10-10-2014

رهانات الكيل بمكيالين في السياسة الأمريكية!

لن ينسى العالم، أن السعودية كانت، ولا تزال، وستبقى سباقة في مواجهة التطرف، ومحاربة الإرهاب، - سواء - على المستوى المحلي، أو الإقليمي، أو الدولي، بدءا من المقاربة الأمنية الصارمة، ومرورا بالمقاربة الإصلاحية الفكرية، وانتهاء بالمقاربة الوقائية الاستباقية؛ ولتكون أول دولة في العالم ممانعة للإرهاب، بل وأرفعها صوتا في التحذير من التطرف، وأعمقها خططا في محاصرة خلاياه.

بعيداً عن تعقيدات المشهد العام، فإن دور السعودية في التصدي للتنظيمات الإرهابية، والتي اتخذت من الإسلام ستارا لها بشكل عام، كان محوريا، وضعت من خلاله إستراتيجية للتعامل مع تهديدات الإرهاب، ووضع آلية لكيفية التعامل معه، ومع مختلف التغيرات، بما فيها تغير إستراتيجية دول كبرى تجاه منطقة الخليج العربي، والتي تشهد معها علاقة غير متوازية، وذلك في ظل التقارب - الأمريكي الإيراني -، والمخاوف من تدبير صفقة كبرى بينهما، قد تكون على حساب دول المنطقة.

في سوريا، والعراق، كانت المملكة أول دولة في العالم تحذر من المخاطر التي تستهدف أمن المنطقة. بل وقفت وقفة حازمة ضد الإرهاب بكل أشكاله، وصوره، على الصعيدين - المحلي والدولي -، مع انضمامها، وإسهامها في الجهود الإقليمية، والدولية المبذولة؛ لمواجهة الإرهاب، وتمويله. كما عبرت المملكة عن أسفها البالغ للأحداث الجارية في هذين البلدين، ودعت إلى تنسيق دولي؛ من أجل مواجهة ظاهرة الإرهاب، ورأت أن الإرهاب يعد من أخطر التحديات التي تواجه المجتمع الدولي، وطالبت - في السياق ذاته - المجتمع الدولي بسرعة اتخاذ الإجراءات المناسبة؛ لإنهاء الأزمة السورية، بحسبانها السبب الرئيس في خلق العديد من البؤر الإجرامية. ومع كل هذه الجهود المبذولة على الساحة، يخرج علينا «جوزيف بايدن» نائب الرئيس الأمريكي - قبل أيام -، - زاعما - أن تركيا، وقطر، والسعودية، والإمارات، وراء تنظيم «داعش» الإرهابي؛ وليترجم لنا سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في تعاملها مع تلك الجماعات المتطرفة، والتي أعطت امتدادا إقليميا للأزمة في سوريا، بل واستثمرت الجماعات الإرهابية في خلق ذريعة؛ بهدف إطالة أمد الصراع في المنطقة، والعمل على إخراج جميع الأطراف من المعادلة مهزومين.

في المقابل، فإن تقريرا صادرا عن مؤسسة «كارنيجي» حول الصناديق السياسية لدول الخليج من وجهة الآخر، نقله - الأستاذ - منذر ثابت، يؤكد بأن هذه التنظيمات الإرهابية تشكل المحفّز السياسي، والنفسي؛ لإثارة المشاعر المعادية للإسلام، والمسلمين في الغرب «الاسلاموفوبيا»، وهو المحفز الذي ستسعى القوى الغربية إلى استغلاله؛ لإعادة التموقع داخل الجغرافيا العربية؛ لإعادة تقسيمه، ووضع اليد على مقدّراته، بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقدّم منطقة اليورو، وارتفاع أرباح البلدان العربية البترولية، وتحوّل صناديقها السيادية إلى نقطة ثقالة - المالية الدوليّة -، بداية من سنة 2008م.

وتذهب القراءة النقدية لمفردات الواقع العربي الجديد إلى التشديد على معطيين، أحدهما: ما بعد 11 من سبتمبر. والآخر: العودة إلى الاستعمار المباشر، والإقرار بأن داعش، وأخواتها من التنظيمات الإرهابية، تمثل الامتداد الطبيعي لمخطط «الربيع العربي»، وما يحمله من تأسيس واعي «للفوضى الخلاقة»، وفق مفهوم التيار المحافظ الجديد في الولايات المتحدة الأمريكية، وفروعها الأوروبية، وفي مقدمتهم: «ماكين، وليسبرمان، وسوروز، وبزبارهنري، وليفي». وتترجم حالة الإحراج التي يعيشها التيار العربي هذه التداخلات غير الطبيعية بين «ربيع عربي»، قدّم على أنّه ثورة، عرّابوها أقطاب الحركة الصهيونية العالمية، وحرّاسها القوى الإمبريالية، أو قوى الهيمنة، والاستكبار، وفق مصطلحات التيار الإسلامي - خلال ثمانينيات القرن الماضي -.

بقي أن يقال: إن دولا إقليمية، ودولية، تراهن على احتمالات دخول المنطقة في نوع من الصراعات الطائفية؛ مما يشكل مخاطر فعلية على أمن دول الخليج العربي، - إضافة - إلى محاولات تلك الجهات الزج بإدخال تنظيم «داعش» إلى دول المنطقة - برمتها -؛ مستغلة بعض الاضطرابات في بعض المناطق، والتحالف مع تنظيم «القاعدة»، الأمر الذي يحمل معه تداعيات خطيرة على أمن المنطقة. الأمر الذي سيستدعي إدراك مخاطر تلك التنظيمات الإرهابية على دول الجوار، - وخصوصا - اليمن، والتصدي لها بالتعاون الإقليمي، والدولي الفاعل، والذي يأتي في مقدمة سياق هذا الحراك الفاعل، السعودية بثقلها العربي والإقليمي والدولي، وبكافة خياراتها الإسلامية، والإستراتيجية، والسياسية، والاقتصادية.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب