رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه

عبد الله عبد العزيز الفالح

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)) أخرجه البخاري في: الحج، باب: فضل الحج المبرور (قال النووي رحمه الله: «قال القاضي: هذا من قوله تعالى: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ} [البقرة:197]، والرفث اسم للفحش من القول، وقيل: هو الجماع. وهذا قول الجمهور في الآية، قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} [البقرة:187]، وقيل: الرفث التصريح بذكر الجماع. قال الأزهري: هي كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة.. وكأن ابن عباس يخصصه بما خُوطب به النساء» قوله: (ولم يفسق) أي: لم يأت بسيئة ولا معصية (وقوله: ((رجع كيوم ولدته أمه)) أي: بغير ذنب، وظاهره غفران الصغائر والكبائر والتبعات). قال ابن باز رحمه الله: «الرفث: هو الجماع قبل التحلل، وما يدعو إلى ذلك من قول وعمل مع النساء كله رفث، والفسوق جميع المعاصي القولية والفعلية يجب على الحاج تركها والحذر منها», وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: ((إيمان بالله ورسوله)). قيل: ثم ماذا؟ قال: ((جهاد في سبيل الله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((حج مبرور)) أخرجه البخاري في: الحج، باب: فضل الحج المبرور. قال النووي رحمه الله: «الأصح الأشهر أن المبرور: هو الذي لا يخالطه إثم، مأخوذ من البر وهو الطاعة، وقيل: هو المقبول. ومن علامة القبول أن يرجع خيراً مما كان ولا يعاود المعاصي. وقيل: هو الذي لا رياء فيه. وقيل: الذي لا يعقبه معصية. وهما داخلان فيما قبلهما». وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «قال ابن خالويه: المبرور المقبول، وقال غيره: الذي لا يخالطه شيء من الإثم، ورجحه النووي، وقال القرطبي رحمه الله تعالى: الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة المعنى، وهي أنه الحج الذي وفيت أحكامه ووقع موقعاً لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل، والله أعلم».

ذكر أحد علمائنا الأفاضل جزاهم الله خيراً في حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، قال: ((لكن أفضل الجهاد حج مبرور)). (قولها: «نرى الجهاد أفضل العمل» هو: بفتح النون أي نعتقد ونعلم؛ وذلك لكثرة ما يسمع من فضائله في الكتاب والسنة. قوله: ((لكن أفضل الجهاد))، قال ابن حجر رحمه الله: «اختلف في ضبط ((لكن)) فالأكثر بضمّ الكاف خطاب للنسوة، قال القابسي: وهو الذي تميل إليه نفسي. وفي رواية الحموي ((لكِن)) بكسر الكاف وزيادة ألف قبلها بلفظ الاستدراك، والأول أكثر فائدة؛ لأنه يشتمل على إثبات فضل الحج وعلى جواب سؤالها عن الجهاد، وسماه جهاداً لما فيه من مجاهدة النفس».., ومن أسباب قبول الأعمال الصالحة:

1 - استصغار العمل وعدم العجب والغرور به.

2 - الخوف من رد العمل وعدم قبوله.

3 - الرجاء وكثرة الدعاء.

4 - كثرة الاستغفار.

5 - الإكثار من الأعمال الصالحة ولأهمية المداومة على الأعمال الصالحة وفضلها ميزة ومكانة هامة جداً حيث إن الأعمال المداوم عليها أحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ). متفق عليه, وأن من فاته شيء من الأعمال التي يداوم عليها من صلاة ليل، أو قراءة قرآن، ونحوها.. استحب له قضاؤه، ولولا ما للمداومة من أهمية ما شرع له ذلك.