15-10-2014

مصفاة بترول القصيم (ضحية من؟)

في الأسبوع الماضي كتب الأستاذ عبدالله الكعيد في جريدة الرياض مطالبا ببعث موضوع إنشاء مصفاة بترول القصيم، وحيث إني ممن عمل في مشروع المصفاة حتى تم إلغاء المشروع ودفع تعويضات المقاولين، وكنت آخر موظف سعودي يترك المشروع بعد مرور سنة تقريباً على إعلان ذلك، لذا فمنذ ذلك الحين وأنا ابحث عن السبب الحقيقي خلف إلغاء مشروع مصفاة بترول القصيم ومصفاة بترول جيزان، واللتين كانتا ضمن مشروع توزيع صناعة النفط المكرر في المملكة والدخول في تصدير النفط المكرر لتحقيق قيمة مضافة، وحيث إن مصفاة بترول القصيم عند إلغاء مشروعها، قد تخطى بناؤها معظم مراحل الإنشاء، وبلغت تكاليف الإلغاء ما يقارب مليار دولار ذهبت كتعويضات للمقاولين وهدر لأعمال تمت على الأرض، في حين أن مصفاة جيزان لم تبدأ فيها مراحل التنفيذ بعد. سبب الإلغاء الذي شاع في حينه هو أن وزارة البترول والثروة المعدنية قد غيرت إستراتيجيتها نتيجة انخفاض أسعار البترول في بداية العام 1985م، وتخلت عن سياسة تصدير النفط المكرر مقابل سياسة المشاركة مع شركات التوزيع العالمية وشراء مصافي بترول في دول الاستهلاك.

كانت شركة بترومين في حينها والتي كانت تتولى توزيع منتجات النفط المكرر داخل المملكة هي المالك لمشروع مصفاة بترول القصيم مثلها مثل مصفاة بترول الرياض، حيث كان مقرراً أن تكون منتجات المصفاة مخصصة للاستهلاك المحلي لبعض مناطق المملكة، في حين أن شركة بترومين كانت تشتري النفط المكرر من مصافي شركة أرامكو السعودية لتغطية معظم حاجاتها، وفي ذاك الوقت كانت شركة أرامكو وشركة بترومين كل منهما كيان إداري مستقل، وكان يرأس مجلس إدارة كل من الشركتين معالي وزير البترول والثروة المعدنية حينها الأستاذ (أحمد زكي يماني)، لذا كانت كلا الشركتين تحت مظلة إستراتيجية واحدة فيما يخص صناعة البترول في المملكة العربية السعودية.

في جانب آخر من العالم كان هناك شركة عالمية لصناعة النفط اسمها تكساكو (Texaco) تصارع شركة أخرى اسمها بنزويل (Pennzoil) في قضية تعدٍ على حقوق شراء شركة جتي اويل (Getty Oil)، كان نتيجتها في عام 1985م تغريم شركة تكسكو أكبر غرامة في تاريخ الدعاوى المدنية في أمريكا، حيث بلغت (10,53) بليون دولار، وتبعاً لذلك أعلنت شركة تكسكو حالة الإفلاس، ثم تبع ذلك بفترة وجيزة إعلان شركة تكسكو وشركة أرامكو السعودية تأسيس شركة سميت في حينها ستار إنتربريز (Star Enterprise)، بحيث تحصل أرامكو السعودية على ملكية (50%) من مصافي وشبكات توزيع تكسكو في الساحل الشرقي الأمريكي وخليج المكسيك، هذا الإعلان جاء ضربة في خاصرة بعض الشركات البترولية الأخرى التي كانت تتحين شراء مخلفات شركة تكسكو، وكان المنقذ للشركة التاريخية.

حقوق شركة أرامكو في تكسكو انتهت كنصيب (50%) في شركة (MOTIVA) مشاركة مع شركة شل، ومع أن هذه الشركة تملك وتشغل اربع مصاف ضخمة في ساحل خليج المكسيك الشمالي، إلا أنها لا تملك حقوق التوزيع بل هي ملزمة باتفاقية توزيع مع شركة شل (Shell).

إذاً هل كان السبب في إلغاء مشروع تكرير النفط داخل المملكة لغرض التصدير وتحقيق قيمة مضافة هو تغير استراتيجية وزارة البترول في حينها وتوجهها لتملك شبكات توزيع النفط، ونحن نرى أن نتيجة ذلك حتى الآن غير واقعة، فأرامكو لا تملك حقوق توزيع البترول في أي من البلدان المعروفة والمستهلكة للبترول السعودي، حتى ملكيتها في شركة بترون الفلبينية (Petron) والتي بلغت عند خصخصة الشركة (40%)، باعتها ارامكو السعودية لشركة استثمار في عام 2008م.

إلغاء مشروع مصفاة القصيم كان ضربة مؤلمة لتطلعات أهالي القصيم في توطين صناعة ذات قيمة تحقق لهم فرصاً وظيفية مجزية، وتخلق اقتصاداً جزئياً يغطي فقدانهم استثماراتهم في المجال الزراعي، والتي ذهبت أدراج الرياح نتيجة تغير إستراتيجية وزارة أخرى، ففرصهم الاقتصادية والوظيفية ذهبت لمكان آخر ولسبب آخر ليس له علاقة بتغيير في الاستراتيجيات، لذا لا زال هناك أمل لدى الأهالي هناك بأن يبعث الله الحياة مرة أخرى في مشروع حيوي كمشروع مصفاة بترول القصيم.

mindsbeat@mail.com

Twitter @mmabalkhail

مقالات أخرى للكاتب