17-10-2014

الكفر يضحك من إسلامنا

ليس الإسلام الذي ندين الله به ونفخر بالانتماء له مجرّد شعائر جامدة لا علاقة لها بإيقاع الحياة اليومي، ولا ارتباط لها بأخلاقياتنا وتعاملاتنا وسلوكياتنا مع الآخر أياً كان هذا الآخر سواء حال بيعنا وشرائنا، إقامتنا وسفرنا، فرحنا وترحنا، سلمنا وحربنا، أمننا وخوفنا، بل إنّ هذا وذاك من صميم ركائز هذا الدين العظيم، ومستلزم أساس من مستلزمات شهادتنا ألاّ إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله.

يظن البعض جهلاً أنّ الإسلام عقيدة وشريعة، والأخلاق تأتي تبعاً بل ربما عدّها البعض وللأسف الشديد أمراً ثانوياً حقه الدخول في دائرة النوافل والمحسنات التي لا يؤخذ عليها المرء ولا تقدح في تدينه، ونسى أو تناسى هذا الإنسان أنّ محمداً صلى الله عليه وسلم سبّب بعثته بـ «إتمام مكارم الأخلاق»، وبيّن في موضع آخر أنّ خيارنا أحسننا أخلاقناً، وأنّ من أحبنا إليه وأقربنا مجلساً منه - عليه الصلاة والسلام - يوم القيامة «أحاسننا أخلاقاً»، والصلاة وهي الصلاة العبادة المحضة التي تصل المرء بربه، الأصل فيها أنها «تنهى عن الفحشاء والمنكر»، وقل مثل ذلك عن الزكاة والصيام والحج وبقية شعائر هذا الدين الخالد.

والسؤال المحزن:

• لماذا تم الفصل شبه التام بين علاقتنا بربنا من خلال العبادات المحضة المعروفة وسلوكياتنا الحياتية وتعاملاتنا اليومية سواء مع:

* الإنسان مسلماً كان أو كتابياً وذمياً أو حتى هندوسياً ومجوسياً أو...

* أو مع الحيوان برياً كان أو بحرياً أو طائراً في السماء.

* أو الشجر والحجر المسخّر من الرب لهذا الإنسان خليفة الله في الأرض.

* أو مع الوقت الذي أخبر عليه الصلاة والسلام أنّ هذا العمر الذي هو رأس مال الإنسان الحقيقي، سيُسأل عنه يوم القيامة ضمن أربعة أسئلة مهمة هي:»عمره فيما أفناه. شبابه فيما أبلاه. ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه.علمه ماذا عمل به».

• على يد من كان هذا الإقصاء المتعمّد لباب الأخلاق الواسع، حتى صار المسلم وللأسف الشديد يأنس حين الحديث عن الغرب، لما يتمتع به من خلق وما يوجد عنده من نظام وانضباط ومصداقية؟.

• ألسنا نحن أحق به منهم، ألم ندرس منذ الصغر المحرمات الأخلاقية والواجبات القيمية مع الكل حتى مع الأعداء؟.

• أليس المنافق فينا من «إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان»، وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الوارد في الصحيحين زيادة «وإذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر»؟.

• أين العدل منا نحن المسلمين - سواء مع أنفسنا أو أزواجنا وأولادنا ومجتمعنا وأعمالنا كما هو مع الآخر في القول والفعل الظاهر والباطن -،، ولماذا رحلت عن الدنيا المساواة مع جزمنا أنهما «العدل والمساواة» سر البقاء وضمان السيادة وعنوان العزة وباب التمكين وصمام الأمان؟.

• لماذا تنكّرت الأجيال لتاريخ سلفها الصالح في تعاملهم مع بني الإنسان، مع أنها في ذات الوقت حفظت لهم مواقفهم العقدية وتراثهم الفقهي الثمين؟.

• هل نحن مؤهلون للاستخلاف وعمارة الأرض وإعادة لبنات بنائنا الحضاري ونيْل الخيرية التي وعدنا الله بها وتحقيق العزة المنشودة و... بلا قيم أخلاقية وسلوكيات إسلامية حقيقية لا متصنّعة دائمة لا مؤقتة ومع الجميع؟.

• ويبقى المستقبل مفتوحاً على جميع الاحتمالات، ومع كل بارقة أمل تلوح يعود في الذهنية الإسلامية السؤال القديم المتجدد،، من هو المجدد المرتقب الذي سيعيد للأخلاق مكانتها في دنيا الناس؟.

بصدق أزمتنا أزمة قيمية، ومشكلتنا بل إشكاليتنا المعقدة والمتداخلة والمتجذرة، أننا لم نول هذا الأمر أهميته في جميع مفاصل حياتنا وبكل ميادين أعمالنا، ولذا:

• لا عجب إن كان فينا الفساد بكل دلالاته وبجميع صوره وأشكاله.

• ولا عجب إن بدأنا نتغنى بأخلاقيات الغرب واحترامه لنا حين نزور أرضه ولو لساعات فضلاً عن أن نعيش فيه.

• ولا عجب إن ضاعت أعمارنا ونحن نركب التمني ونمتطي التواكل ونعيش عالة على الآخر.

• ولا عجب إن ضحك وما زال يضحك الكفر من إسلامنا.

• بل ولا عجب أن قال قائلنا «الشيخ محمد عبده» يوم عاد من مؤتمر باريس عام 1881م «ذهبت للغرب فوجدت إسلاماً ولم أجد مسلمين، ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكن لم أجد إسلاماً».

هل بعد هذا.. ستبقى الأخلاق أمراً ثانوياً في حياة جيل ينشد الريادة ويتمنى السيادة العالمية!!؟؟

جزماً: لا،، ولكن من يعلق الجرس، ومن أين ستكون البداية، وكيف!!؟؟، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.

مقالات أخرى للكاتب