17-10-2014

إنشاء (مجلس للبحث العلمي) أساس لتنميتنا!

الأبحاث العلمية تتطور شيئا فشيئا منذ أن وجد الإنسان على وجه الأرض واستخلفه الله فيها وميزه الله سبحانه وتعالى عن كافة المخلوقات بالعقل والفكر، ومع تطور البشرية وتوارثها للأوطان فقد ورث كل جيل أفكار الجيل الذي قبله، وتراكم المخزون المعرفي لدى البشر أوجد لهم كماً هائلاً من المعلومات منذ عهد الإغريق والفينيقيين والعرب الأوائل وعهد النور الشامل العهد الإسلامي في الأندلس وغيرها من البلدان والأقاليم التي ساهمت في الثورة العلمية.

كل دول العالم تقريبا تضع خططاًَ للأبحاث العلمية وتنفق عليها أموالا طائلة نظرا لأهميتها الإستراتيجية في جميع المجالات فهي الناتج والمحصلة النهائية لخطط التعليم فلو فرضنا أن دولة تنفق سنوياً مئات المليارات من ميزانيتها على التعليم فإنها لن تحصل على ناتج وعائد من هذا الإنفاق في حالة عدم بحث خطط البحث العلمي، فالتعليم العام والجامعي ما هو إلا مفتاح ومبادئ للأبحاث العلمية وليس الإنفاق الهائل على المباني الخرسانية للمدن الجامعية ذا عائد أساسي على التطور الحضاري للدول، انظروا إلى مباني الجامعات الكبرى والعريقة في العالم المتطور تقنيا أنها مبان بسيطة من حيث الإنشاءات متقاربة المباني ولكنها عظيمة جدا وكبيرة في الخدمات الأساسية فالطرق إليها سهلة، الخضرة تحيط بها من كل مكان يوجد لها حدائق ذات بهجة لا كتل خرسانية صماء ومسطحات إسفلتية سوداء يوجد فيها خدمات مباشرة للاتصال اللاسلكي وخدمات متنوعة تهم الباحث بدلا من وجود مبان عالية ذات كتل خرسانية بلهاء وفصول وقاعات خرساء لا يوجد فيها إلا مقاعد صلبة لا تناسب جلسة بحث وطلب علمي.

الدول المتقدمة تهتم بالنتائج ولا تهتم بالوسائل فهي تنفق على (البحث العلمي والتطوير) أكثر مما تنفق على مشاريع خرسانية صماء جامدة، إن تحفيز عمليات البحث والإنتاج في الدول المتقدمة تساهم فيه الشركات والمؤسسات الخاصة بنسبة 90% أو أكثر وترك للدول مهمات التعليم العام، وذلك لأن البحث والتطوير هو عملية تجارية تزيد من الإقبال على منتج معين لجودته ومنافسته، ومما افشل عمليات التنافس على البحث والتطوير لدينا هو فتح المجال أمام الشركات والوكلاء لاستغلال القوة الشرائية لدى الأفراد بتسويق منتجات استهلاكية رديئة فصار البيع بسوق غير مراقب أكثر ربحية من الجودة في حال الإنفاق على الأبحاث والتطوير.

إن البحث والتطوير شجرة متشابكة الأغصان يجب أن ترعاها الدولة وتسقيها وتهيئ المناخ المناسب لنجاحها وذلك من خلال فرض الأنظمة المؤسسة لها أولا قبل الإنشاء المؤسسي لها.

خذوا مثالا قريبا لنا (دولة الكويت) ولن اضرب مثلا بدولة متقدمة إنها تفرض نسبة سنوية من أرباح الشركات تدفع لميزانية (مؤسسة الكويت للتقدم العلمي) أما لدينا فإن الشركات والبنوك تثري بأرباح طائلة ناتجة من إنفاق (استهلاكي) ومن خلا ل وسائل إنتاج استهلاكية ولا تنفق من اجل البحث والتطوير شيئا يذكر وذلك لان التنافس على أشده للأرباح الاستهلاكية التي تعطيها ربحا أكثر من البحث للتطوير والإنتاج.

من خلال الأرقام والإحصائيات فان الدول المتقدمة تقنيا تنفق إنفاقا كبيرا على البحث والتطوير وسأورد الأرقام التي تؤيد ذلك فسكانها بشر مثلنا وعقولهم مثل عقولنا ولكن اختلاف الخطط هو الشيء المميز عنا خذوا اليابان كمثال دولة ضربت بافتك أنواع الأسلحة (القنبلة النووية) وأبيدت اكبر مدنها في الحرب العالمية الثانية، دولة لا تصحو وتنام إلا على الفيضانات والزلازل المدمرة ولا يوجد فيها أي بئر للنفط فما السبب في رقيها الحضاري ومنتجاتها من السيارات والالكترونيات ذات الجودة الفائقة كفت العالم كله، السبب يرجع إلى أنها اعتبرت المواطن الياباني (بئر بترول) إذا أنفقت عليه قليلا وحفزت ذهنه للتفكير والإنتاج فسينتج ما يبهر العالم وبالفعل فهي اكبر دول العالم إنفاقا على (البحث العلمي والتطوير) حيث إنها الأعلى من بين 72 دولة عالمية إنفاقا على البحث العلمي ويبلغ الإنفاق السنوي عليه حوالي 3.3% من الناتج المحلي وتنفق سنويا على الأبحاث العلمية ما يزيد على 130 مليار دولار أي ما يزيد عن 487 مليار ريال ولهذا زاد دخل الفرد فيها لان البحث العلمي الذي أنفقت عليه صار له عوائد كبرى أكثر مما أنفقته وفي هذه القائمة فان السعودية هي اقل الدول من حيث الإنفاق على البحث العلمي حيث يبلغ.0.05% من الناتج المحلي يأتي من خلال جهود مبعثرة ومشتته مابين جامعات ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووزارات مختلفة ومع الأسف إن هناك دول فقيرة وغير نفطية هي أكثر منا إنفاقا على البحث العلمي خذوا مثالا على ذلك أوغندا هذه الدولة الفقيرة في إفريقيا يبلغ الإنفاق السنوي فيها على البحث العلمي 0.39% أي إنها أكثر منا بحوالي 8أضعاف إنفاقا مع أنها دولة فقير ة وصغيرة وغير بترولية ونحن نعتبر من مجموعة(العشرين) التي تضم أكثر دول العالم تقدما وأثرا على الاقتصاد العالمي.

إنني أنادي هنا بوضع خطط وبرامج طموحة للبحث العلمي والتطوير تتجاوز الإيقاع اليومي الروتيني وفصل هذه الخطط عن وزارة التعليم العالي وإشراك القطاع الخاص فيها والوكالات والشركات، واقترح لذلك إنشاء (مجلس البحث العلمي والتطوير) يصدر له نظام خاص من حيث مهماته وميزانيته التي يجب أن لا تقل عن 3% من الموازنة العامة السنوية للدولة واثق أن الإنسان السعودي نفسه (بئر بترول) بعقله وإنتاجه وفكره الذي هو الأساس في أي خطة للتنمية، أثق أن الإنفاق السنوي بنسبة 3% من الميزانية سيعود بأضعاف هذا الرقم على الخزينة العامة للدولة من خلال تحسين وسائل الإنتاج والإدارة وإيجاد مصادر جديدة للدخل.

آمل أن يتم مناقشة هذا المقترح على أعلى المستويات وان يتم إقراره قريبا من مجلس الوزراء الموقر.

Arac433@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب