18-10-2014

الترغيب في تربية البنات

من المظاهر الكريمة التي تخص المرأة في الاسلام أنه رغب في تربية البنات، والقيام عليهن وحسن الصحبة لهن، لما يترتب على ذلك من الأجر العظيم فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه». وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان له ثلاث بنات، فصبر عليهن، وأطعمهن وسقاهن، وكساهن من جدته، كن له حجاباً من النار يوم القيامة». هذه التوجيهات النبوية الكريمة وغيرها لايسمح المقال بذكرها تدل على فضل الإحسان إلى البنات والقيام بشئونهن والعطف بحالهن، رغبة فيما عند الله عز وجل من أسباب دخول الجنة والسلامة من النار! وجميع علمائنا الأفاضل يرجون من الآباء دوماً التعامل الحسن مع نسائهم وخاصة البنات لما له من فضل عظيم في الدنيا والآخرة، وكما قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله «فخير الناس هو خيرهم لأهله، فإذا كان فيك خير فاجعله عند أقرب الناس لك وليكن أهلك هم أول المستفيدين من هذا الخير».

ولكن للأسف الشديد بعض الأُسر هذه الأيام وخاصة الآباء نجدهم قساة القلوب، وسيئي الأخلاق مع أهلهم، ومع الغير طيبين في تعاملهم، وهذا خطأ عظيم يتسبب في تفكك الأسرة وضياع أفرادها وخاصة البنات لأنهن أكثر هشاشة في قلوبهن وأجسادهن من إخوتهن الذكور، الذين غالباً يتأثرون بنهج آبائهم السلوكي القاسي والمتسلط في تعاملهم مع أخواتهن الضعيفات! فهذه السلسة الذكورية المتسلطة لم تهتم بتعاليم ديننا السمحة، ولا توجيهاتها النبوية الكريمة تجاه فضل الاحسان للبنات وعدم إهانتهن والتسلط عليهن، فأساءت لبناتها اساءات مختلفة تسببت في هروبهن من المنزل، واللجوء للجهات الحكومية طلباً في حمايتهن والعيش بكرامتهن نتيجة للاضطهاد الأبوي الذي يلاحقهن منذ صغرهن، أو قد يدفعها الاضطهاد للهروب لجهات مشبوهة تسيء لها وتستغلها أخلاقياً وتتخلص منها بعد ذلك وتتركها عرضة للعقاب والسجن!.

وحالات العنف الأسري في السنوات الأخيرة كشفت لنا نماذج مأساوية من التعامل السيئ مع البنات في داخل أسرهن غير الرحيمة بحالهن، وهذا يؤكد قلة الوعي الديني، وعدم التقيد بتعاليم ديننا الذي يتشدقون به آباء وأمهات، لكنها منهم براء والدليل عندما يقوم أب بعقد قران ابنته البالغة من العمر 13 عاماً على شخص يكبرها بعشرات السنوات بحجة تأديبها! وعندما تهرب من بيته متجهة شاكية للمحكمة يعتبرها متمردة وعاصية! وذلك الذي يرفض تزويج ابنته حتى تتجاوز عمر الأربعين وعندما تتقدم بشكوى ضده يعتبرها عاقة! وذلك الذي يمنع ابنته من اكمال تعليمها وعندما تستنجد بجهات الحماية يعتبرها سيئة الأخلاق، وذلك الذي يتعاطى المخدرات أمام بناته وقد يغيب عقله عن الوعي ويتعرض لهن بالأذى البدني والجنسي وعندما يهربن مستنجدات بمراكز الأمن فإنه ينكر ذلك ويتهمهن في أخلاقياتهن ! وذاك الأب الذي يدفع ابنته للعلاقات العاطفية غير الشرعية وبعدما تقع الفأس في الرأس يتخلى عنها لتبقى في الدار حتى رحمته!

فهذه النماذج الأبوية بلاشك لا تحتاج ذلك الفضل العظيم المقرون بتربية البنات والقيام عليهن خير قيام، بل انهم بحاجة لعقوبات صارمة تحرمهم من حق الأبوة الذي لم يراعوا الله في أمانته، وذلك حتى يعشن بناتهم حياة كريمة تحت متابعة الجهات المسئولة التي ستكون بلاشك أرحم منهم بكثير!.

moudyahrani@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب