دُعمت من كرسي الأمير خالد الفيصل لتطوير المناطق العشوائية

دراسة: 70 حياً عشوائياً في مكة المكرمة .. تمثل 40 % من الكتلة العمرانية

مكة المكرمة - سامي علي:

كشفت دراسة علمية أنه ينتشر في مكة المكرمة قرابة 70 حياً عشوائياً بمساحة حوالي 8883.44 هكتار وبنسبة حوالي 40.85% من الكتلة العمرانية لمكة المكرمة إلى جانب غياب واضح للبيانات الدقيقة عن حالة المناطق العشوائية بمكة المكرمة التي يمكن الاعتماد عليها في وضع الخطط الشاملة للارتقاء وهذا ليس فقط في البيانات التي تخصص عدد السكان في تلك المناطق وإنما في الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للسكان مثل (التعليم، البطالة مستويات الدخل...إلخ), وكذلك الخصائص العمرانية والبيئية والأمنية لتلك المناطق علاوة على تدني جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والبيئية والأمنية والخدمية في المناطق العشوائية بمكة المكرمة.

واشتملت الدراسة على وصف الشوارع والممرات في المناطق العشوائية بمكة المكرمة بالضيق والتعرج وعدم استمراريتها ووجود العوائق بها وكثير منها غير مرصوف كما أن ربط تلك المناطق بالطرق الرئيسة والشوارع الشريانية معدوم وكذلك ربطها بالمناطق المجاورة مما يشكل عبئاً على السكان عند عملية التنقل أما البنى التحتية من شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والهاتف تم إيصالها لعدد من المناطق وأخرى لا تغطي تلك الشبكات كامل الحي أو أن كفاءتها ضعيفة نتيجة لأنه إما أن تكون الشبكة قديمةً أو أن تصميمها لم يراع الكثافة السكانية بها وهذا ناتج عن الظروف الخاصة بنشوء كل منطقة عشوائية وتعاني تلك المناطق من مظاهر التدني في الخدمات الاجتماعية والترفيهية والمناطق المفتوحة ومواقف السيارات.

دعم للأنشطة البحثية

وبينت الدراسة التي حصل بموجبها الطالب المهندس حميد بن عيد حميدان الصبحي على درجة الماجستير من كلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى بعنوان ( نحو إستراتيجية شمولية للمعالجات المستقبلية للمناطق العشوائية بمكة المكرمة) بتقدير ممتاز الذي يعتبر من أحد الباحثين الذين تم دعم بحثهم من كرسي الأمير خالد الفيصل لتطوير المناطق العشوائية بمكة المكرمة ضمن الأنشطة البحثية التي يرعاها الكرسي أن أفضل طريقة للارتقاء بتلك المناطق هو الارتقاء في مفهومه الشامل الذي يشمل جميع الجوانب سواءً السكان من خلال الارتقاء (الاجتماعي والاقتصادي والثقافي... إلخ) أو الجوانب العمرانية والبيئية والأمنية وكذلك المشاركة الشعبية للسكان في مشروع الارتقاء الشامل يحقق الاستدامة للمشروع ويعطي السكان الإحساس بالمسؤولية ويحقق متطلباتهم مما ينعكس إيجابًا عليهم للمحافظة على المنجز في مشروع الارتقاء وتطويره مستقبلاً.

غياب البعد التكاملي للتنمية

وخلصت الدراسة إلى أن الأساليب السابقة التي استخدمت في معالجة المناطق بمكة المكرمة المحدودة في (التهذيب وفتح بعض الطرق وإيصال بعض الخدمات) لم يكن لها الأثر الواضح في معالجة تلك المناطق ومثال ذلك ما حدث في مشاريع شارع المنصورية وشارع بن حسن وشارع الخنساء وشارع جبل السيدة وشارع ريع الحدادة فيما كانت الأساليب الحالية المتبعة لمعالجة المناطق العشوائية بمكة المكرمة والمبنية على الاستثمارات الكبرى التي قدمت لتطوير تلك المناطق العشوائية التي اقتصرت على الهدم والإزالة والتعويض للسكان أو المشاركة في أسهم الشركة المطورة للمنطقة والتي غاب عنها البعد التكاملي والشامل للارتقاء والتنمية من خلال مشاركة السكان والارتقاء بالجانب الاجتماعي والاقتصادي للسكان كان له مردود سيء لدى السكان من خلال فقد الجانب الاجتماعي والانتماء للمنطقة نظراً للتشتت الحاصل للسكان في مناطق مختلفة في المدينة بعد تعويضهم عن عقاراتهم فقط مثال ذلك تطوير المناطق العشوائية التي تقع على طريق الملك عبدالعزيز (الطريق الموازي) وكذلك مشروع جبل الشراشف جانب الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني المحلية في تطوير المناطق العشوائية بمكة المكرمة جدير بالدراسة والتطوير وهذا من الأساليب العالمية المتبعة في معالجة تلك المناطق.

مسح اجتماعي واقتصادي

وأوصت الدراسة بضرورة إعداد دراسات شاملة من خلال المسح الاجتماعي والاقتصادي والعمراني والبيئي والأمني للمناطق العشوائية بمكة وتحديد المناطق ذات الأولوية للارتقاء طبقًا لاستراتيجية التعامل مع كل منطقة حسب ظروفها وحالتها الراهنة وتقييم الوضع الراهن للمناطق العشوائية من جميع الجوانب والتعرف على السلبيات والإيجابيات في تلك المناطق العشوائية ودراستها ثم تجيير الإيجابيات لصالح مشروع الارتقاء والعمل على معالجة السلبيات حتى لا تؤثر على سير المشروع إلى جانب التدخل العاجل وإيجاد الحلول السريعة لحل مشكلة المناطق العشوائية بمكة ورفع المستوى المعيشي والحضاري لسكانها والارتقاء بالجوانب العمرانية والبيئية والأمنية وإيجاد الحلول العملية التي تعمل على احتواء جميع المناطق العشوائية بمكة ومعالجتها بطريقة تمنع تكرارها مستقبلاً.

أسلوب التدخل الأمثل لحل المشكلة

كما طالبت الدراسة بتحديد الأسلوب الأمثل للتدخل وتقديم جميع البيانات للمخططين ومتخذي القرار في مشاريع الارتقاء للاستفادة منها في اختيار الأسلوب والآلية التنفيذية الأنسب والحد من انتشار المناطق العشوائية بمكة عن طريق مراقبة الأراضي وتطبيق القوانين المنظمة للبناء ووضع الآليات والوسائل المناسبة لذلك من خلال توفير أجهزة الرقابة الفاعلة التي تمتلك الصلاحيات وإيجاد البديل المناسب لذوي الدخل المحدود وممن هم بحاجة للسكن وكذلك تفعيل دور الرقابة من الأمانة وبلدياتها الفرعية في ضبط ومتابعة التشريعات الخاصة بالبناء بحيث تكون أكثر فعالية للحد من الاستمرار في إنشاء المباني المخالفة لأحكام التنظيم ومتطلبات التراخيص البلدية ووضع التشريعات اللازمة للتحكم في العمران الجديد الذي يمنع ظهور مثل تلك المناطق العشوائية ومعالجة الأسباب التي تؤدي إلى التوسع في المناطق العشوائية وظهور الجديد منها بأسرع ما يمكن.

تبسيط الإجراءات للبناء

وتشجيع القطاع الخاص

وشددت الدراسة على ضرورة قيام أمانة العاصمة المقدسة بسن القوانين والتشريعات المنظمة للبناء وتبسيط إجراءات البناء وتشجيع القطاع الخاص والجهات الأخرى لدعم الاستثمار في مشاريع الإسكان الميسر وتوفير الأراضي المغطاة بالخدمات والبنى التحتية بأسعار يمكن لذوي الدخل المحدود تملكها بالإضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار الارتقاء بالبعد الاجتماعي والاقتصادي لسكان المناطق العشوائية عند عملية تطوير أي منطقة عشوائية لأنه يمثل القاعدة الرئيسة التي يتم الانطلاق منها للارتقاء بالمنطقة مع الحد من تطبيق مشروعات الإزالة التي تؤدي إلى التشتيت الاجتماعي للسكان بسبب انتقال السكان إلى مناطق أخرى عند تعويضهم مما يؤدي إلى سلبيات كثيرة لها وقع كبير على السكان وتشجيع المشاركة الشعبية للسكان في عملية الارتقاء وتعظيم دورها بالمشاركة من خلال (الفكر، الجهد، المال) والعمل على نشر الوعي بأهميتها في مشروع الارتقاء الشامل حيث تزيد نسبة الوعي بالمشاركة من نتائج المشاركة في المشروع، ويجب أن تكون من بدايات الدراسة للمشروع وحتى مرحلة المتابعة والمحافظة مع ضرورة إيجاد وسائل سهلة وفعالة للاتصال بين الجهات المسؤولة والسكان مع العمل على تشجيع الوسائل الحديثة التي تؤدي إلى زيادة مشاركة السكان وتحقق تبادل الأفكار.

التعويض العادل للسكان

ولفتت الدراسة إلى أهمية إيجاد التعويض العادل لمن يتم إزالة منازلهم لصالح مشروع الارتقاء سواءً التعويض بعقار في نفس المنطقة أو منطقة أخرى أو تعويض مادي مع الحفاظ على الروابط الاجتماعية بين السكان علاوة على ضرورة إيجاد مخططات سكنية حديثة تتوفر بها جميع الخدمات والمرافق العامة أو إنشاء مجمعات سكنية لمن يتم هدم منازلهم لصالح مشروع الارتقاء الشامل عند الشروع في إنشاء هذه المشروعات يجب مراعاة أن تكون قريبة من أماكن العمل ومدارس أبنائهم لهذه الفئة من الناس مع التأكيد على توفير البنية التحتية وجميع الخدمات في الموقع الجديد وإيجاد البديل لأصحاب الأنشطة الاقتصادية في المنطقة العشوائية المراد تطويرها والتوسع في إنشاء وحدات سكنية ميسرة ويجب أن تكون تلك الوحدات عند تصميمها مبنية على دراسات اجتماعية واقعية على المجتمع المستهدف من أجل معرفة احتياجات المجتمع الفعلية ومتطلباته ومنها يتم الحصول على تكلفة فعلية للمسكن تناسب وتتلاءم مع قدرات أصحاب الدخل المحدود.

وقالت الدراسة إنه يجب دعم هذه السياسات إعلاميًا وشعبيًا وأهمية إيجاد أنماط سكنية متعددة ونماذج معمارية متنوعة بما يلبي كافة احتياجات المجتمع وتخدم المستويات الاجتماعية والاقتصادية المتعددة لطبقات المجتمع في المدينة وتوفير الخدمات الأمنية بما يحقق الإحساس بالأمان في تلك المناطق العشوائية وتوفير الأراضي الصالحة للسكن بما يتناسب مع فئة ذوي الدخل المحدود ورغباتهم وإنشاء المشاريع الإسكانية الميسرة والتوسع فيها وتشجيع القطاع الخاص والمنظمات الخيرية للمشاركة فيها وتشجيع البنوك والجهات التمويلية للتمويل الميسر للسكان وحث البنوك على توجيه نسبة من مشاركتها من منطلق المسؤولية الاجتماعية نحو هذه الفئة من السكان بالإضافة إلى زيادة دعم الدولة من خلال برامج وزارة الإسكان مثل برنامج أرض وقرض لطبقة الفقراء.