18-10-2014

أقول لجهاز السير كفى

نعاني بحق فوضى مقيتة في الشوارع والطرق؛ بسبب الغياب الواضح لجهاز السير، وإن كان الموضوع أصبح مملاً بحكم تكرار النقد والمطالب دون أن تظهر أي علامة تؤشر ولو بتلميح عن فعل حقيقي يدل على الاهتمام بما يكتب ويتداول بين الناس، فإن من حقنا نحن المتضررين من غياب الضبط والتنظيم في الشوارع والطرق أن نقول أيضاً كفى.

إن الممرات والشوارع والطرق هي وسيلة الاتصال المباشر بين الناس وحاجاتها وكل ما يعترض الإنسان في طريقة لغايته لابد أن تؤثر فيه سلبا أو إيجابا، وحين يكون أعداد القتلى في حوادث السير لدينا في عام 2011م يزيد على أعداد القتلى جراء العنف في العراق كما جاء ذلك في تقرير أعدته شركة ارامكو السعودية، فإن خطر الموت في شوارعنا وطرقنا هو أخطر على الإنسان من حرب الخليج (يذكر التقرير أن عدد المتوفين عام 2011 من جراء حوادث السير في المملكة بلغ 7153 إنساناً مقابل 5200 قتيل في حرب الخليج) وبالتأكيد لا يجهل جهاز السير لدينا هذه الحقائق، وهذا ما يزيد الخطورة خطراً حين لا نجد لهذه الحقائق استنفارا حقيقيا من جهاز السير يظهر للعيان ويشهد له الواقع.

كنت ولا زلت وسأظل أقول إن مشكلتنا ليست في عدم الالتزام بأنظمة السير بل بعدم وجود أنظمة سير أصلا، فحركة السير لدينا هي للأكثر فوضوية واستهانة بالآخرين، وهي بمثابة ميدان لاستعراض أسوأ ما في السلوك المتخلف من إثارة للحنق والغيظ، ويزيد ذلك حنقا وغيظا غياب ضابط السير وتبلد حسّه إن وجد، ما يجعل الأمر غاية في السوء إلى الحد الذي يجعلنا في المرتبة الأولى من حيث وفيات حوادث السير في العالم بالنسبة لكل (100) ألف إنسان، وبتكلفة تبلغ أكثر من (13) مليار ريال في كل عام، وحين يتحفظ الإعلام عن نقد جهاز السير فإن ذلك يضاف إلى ما سبق في دواعي الحنق والغيظ، وحين تمضي لقضاء حوائجك والتزاماتك بهذا الشعور الحانق الغائظ ثم يظهر لك مسؤول في جهاز السير عبر وسائل الإعلام ليعدد إنجازات جهازه، ويرد القصور على وعي المواطن وعدم التزامه بالأنظمة فقد تشك في قواك العقلية.

جهاز المرور حين يتجاوز البحث العميق في أسباب النمو في عدد الحوادث والإصابات والوفيات سنة عن سنة كي لا يصطدم بضعفه وتقصيره يسارع لوضع السرعة المتهم الأول، في حين أن اغلب الحوادث والإصابات والوفيات تظهر في الشوارع والطرق التي لا تزيد السرعة فيها على (60 - 70) كيلومترا في الساعة، وفي اعتقادي أن تحديد السرعة في الطرق البرية بين المدن بحدود (120) كيلومترا في الساعة قد يصعد بأرقام الحوادث والإصابات والوفيات في هذه الطرق لتتنافس مع الشوارع والطرق في المدن إيمانا مني بأن السرعة (المعقولة) في الطرق البرية بين المدن لا علاقة لها بالحوادث، بل إنها تزيد من حرص السائق وانتباهه طالما كانت الرتابة والملل علميا سببا رئيسيا في شرود الذهن وتشتت الانتباه، وحين يصر جهاز السير في اتجاهه الخاطئ فكأنه يصر على الضغط على جرحك ويدميه ليوقف الألم بزعمه، ولك أن تتخيل شعور وإحساس المكلوم بهذا المنطق.

تستعين اغلب الأجهزة الحكومية والأهلية بالخبرات الأجنبية والخبرات الدولية المتقدمة للاستفادة منها في تحسين خدماتها وتطوير قدراتها، من وزارتي الدفاع والحرس الوطني إلى الأندية الرياضية ولعبة ركل الكرة بالقدم، ومع هذا ينظر في الدعوة لجهاز السير بالاستعانة بالخبراء والخبرات الأجنبية وكأنه انتقاص أو تجاوز أو تطفل، والحق أن صلاح جهاز السير وانضباط الحركة في الشوارع والطرق سينقل الوطن من مرحلة إلى مرحلة أخرى متقدمة ومتطورة بشكل واضح وملموس في السلوك والأخلاق والوعي على مستوى الفرد وتحسن جودة الخدمات الصحية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها الكثير على المستوى الأعم.

لقد آن الأوان كي نقف وبجدية أمام عجز وقصور جهاز السير بكل إمكاناته البشرية والمادية عن تحقيق أدنى درجات الرضا، وان نضع الأمور في نصابها حماية للإنسان وهو اعز ما نملك وحماية للاقتصاد وهو محرك الحياة، فالأرواح البشرية ليست بهذا الرخص والأموال المهدرة في التبلّد والجمود الوطن أحق بها، واشغار نحو (30%) من أسرة المشافي لحوادث السير افشل جهود وزراء الصحة المتعاقبين على هذه الوزارة في التخلص من تكدس الأعباء، فنحن فعلا بحاجة إلى استقدام ضابطي سير من الدول المتقدمة في هذا الشأن كي نستفيد منهم في أمرين مهمين هما: ضبط وتنظيم حركة السير والثاني نقل الخبرة لأفراد الجهاز الوطنيين، وبهذا سنقضي على أهم سببين لما نعاني منه وهما الفوضى واللامبالاة، وننتهي إلى تحقيق أهم نتيجتين وهما إيقاف نمو الحوادث والإصابات والوفيات وكذلك ضبط سلوك وأخلاق استخدام الشوارع والطرق.

Hassan-Alyemni@hotmail.com

Twitter: @HassanAlyemni

مقالات أخرى للكاتب