19-10-2014

آلات البيع

يحب الأمريكان آلات البيع، خاصة مع عشقهم للأكل والشرب. تنتشر آلات البيع في أمريكا، وفي التسعينات الميلادية جربَت شركتان معروفتان بيع المشروبات الغازية خلال آلات البيع بطريقة جديدة: أسعار المشروبات ترتفع وتنزل حسب درجة الحرارة!

نعم، جشع الكثير من الشركات لا يعرف حداً، فاعتمدوا على مقياس حرارة وشريحة إلكترونية، ففي الصيف إذا وصلت الحرارة لأقصاها أوصل المقياس هذه المعلومة إلى الشريحة الحاسوبية والتي بدورها تزيد في السعر قليلاً، وفي أيام الشتاء تعود كما كانت. وعلى نفس المبدأ رأوا أن يزيدوا أسعار المشروبات في الأجهزة التي عليها ضغط كبير وشراء متكرر، بينما الأجهزة المهمَلة تنخفض فيها أسعار المشروبات.

ليست هاتان الشركتان وحدهما، فأي شركة لن تمانع في استخدام مبدأ العرض والطلب هذا لزيادة أرباحها، فشركات الطيران والفنادق والتجارات المتعلقة بالسياحة تزداد أسعارها في مواسم السفر والسياحة، وهكذا. أما شركتا المشروبات الغازية فكان حظهما أسوأ، فالذي حصل لما طبقوا هذه التجربة أنّ الناس أغضبهم هذا الاستغلال فصاروا يشوهون الأجهزة تلك بل يكسرونها في فورة غضبهم، ولم تمانع الشركتان من ذلك طالما كانت الأجهزة تُدر عليهم الأرباح، ولكن بسبب تكسير وتعطيل الأجهزة اضطروا أن يرسلوا الفنيين باستمرار لإصلاحها، ولما فحصوا تكاليف الإصلاح والصيانة، وجدوا أنّ الأرباح لن تغطيها وأنّ استمرار التجربة مكلف أكثر مما هو مربح، فأوقفوا التجربة وماتت ميتة مبكرة.

وعند الحديث عن آلات البيع فلا يمكن أن يكتمل أي حديث إلا بعد أن تُشرَك اليابان في الكلام، فهي أمة مهووسة بآلات البيع ولم يترك اليابانيون شيئاً إلا ووجدوا طريقة لبيعه عن طريق آلات البيع، فطبعاً المشروبات الغازية والشاي والقهوة والعصير تباع في هذه الأجهزة، لكن أيضاً يمكنك أن تجد آلات تدخل فيها النقود وتُخرج لك المظلات، والثلج، والبطاريات، والورود، والكاميرات الاستهلاكية (استخدام مرة واحدة). ليس هذا فقط، بل الملابس أيضاً تدخل في «المُتاحات الشارعية» هذه، فهناك أجهزة تبيع ربطات العنق، والأحذية، بل حتى الطعام! نعم، ربما بسبب أن اليابان صارت تواكب الغرب في الحياة السريعة، فإنّ الطعام أيضاً لم يسلم من هذه الصرعة، فيمكن أن تجد في اليابان آلات تبيع البوظة (آيسكريم)، والبيض، والرز، والشعرية الساخنة، والكثير غير ذلك. يا له من هَوَس!

وطبعاً بما أنّ الثقافة اليابانية قائمة على الاحترام والرُّقي، فإنّ آلات البيع هناك لا تكاد تعرف السرقة ولا التخريب، واليابانيون طبعاً أساتذة التقنية والعلم لذلك فإن أجهزتهم أيضاً لا تعرف العُطل.

إذا نظرتَ لآلة البيع فربما ترى مجرد شيء عادي منتشر، لكن بعض الشعوب تعشق هذا الشيء أكثر مما تظن!

i.alammar.11@gmail.com

Twitter: @i_alammar

مقالات أخرى للكاتب