21-10-2014

الحكم على نمر النمر وردود الأفعال

صدر حكمٌ قضائي مؤخراً على الإرهابي نمر النمر، وصدرت أحكامٌ قضائية أخرى مماثلة على محرضين قاعديين إرهابيين آخرين.

بعض الدوائر الإعلامية والحقوقية في الغرب لم تعترض على الأحكام القضائية الصادرة في حق القاعديين والسبب على ما يبدو لأنهم من السنَّة بينما شككت وبعضها اعترضت صراحة على الحكم القضائي الصادر ضد الإرهابي نمر النمر لأنه من الطائفة الشيعية، وهنا بيت القصيد ومربط الفرس وما سأتطرق إليه في مقالي اليوم.

أن تتعاطف مع هذا لأنه شيعي وأن تصمت عن الآخر لأنه سني رغم أن هذا وذاك اقترفا نفس الجرم ومارسا نفس الممارسات الإرهابية سراً وعلناً فأنت هنا تقيس يمقياسين مختلفين. وهذا القياس ليس قياسا أو نقدا مجحفاً فحسب وإنما هو أس مشكلتنا مع بعض الدوائر الغربية الحقوقية والإعلامية؛ وهو في ذات الوقت من الأسباب الرئيسة التي رسخت كل هذه العداوة البغضاء للغرب والغربيين بين أهل السنة على وجه الخصوص، وغذت ثقافة (الكراهية) لهم ليس في بلادنا فحسب وإنما أينما وجدت الطائفة السنية في كل أصقاع الأرض.

نمر النمر مواطن سعودي شيعي المذهب اقترف جرائم إرهابية ومُثبتة مسَّ بها الأمن والاستقرار والسلم الأهلي وأدت بالتالي إلى القبض عليه مثلما تقبض الدولة أيضا على مواطنين سعوديين من الطائفة السنية لذات الأسباب، وتمت محاكمته وصدر بناء على حيثيات ممارساته الإجرامية حكم يدينه بما نسب إليه. ومازال الحكم ابتدائياً ولم يصل إلى درجة القطعية، وعندما يستوفي درجات التقاضي المعتمدة في بلادنا، فليس لدي شك أن الحكم سينفذ. أن يعتبره الغربيون مجرد (معارض سياسي) رغم تحريضه وتشجيعه وممارسته العنف ثم تطالب ثقافتنا بالقضاء على الإرهاب والعنف فكأنك بهذا الموقف غير العادل وغير المتزن تشكك في دوافع قضاتنا دون أن تلتفت أولاً إلى مسوغات هذا الحكم وحيثياته، ثم لتكون عادلاً تقارنها بمسوغات الأحكام الأخرى التي صدرت في حق الإرهابيين السنَّة ونرى نتيجة المقارنة؛ أما إذا انتقيت هذا لأنه شيعي وتركت أولئك لأنهم سنة، فأنت عندها متحامل على العدالة برمتها لأسباب غير مبررة.

في قواميس وطننا الإرهاب هو الإرهاب. والعنف هو العنف؛ سواء ارتكبه شيعيٌ (مُعمَّم) أو سنيٌ (مُشمّغٌ) فلا فرق بين هذا وذاك. ونحن في المملكة حكومة وشعبا رأينا مآلات هذا الإرهاب، وبالذات عندما يتخذ من التأسلم السياسي الطائفي مطية لتحقيق غاياته؛ كما في العراق المهشم أو في سوريا المشتعلة أو في اليمن الذي هو على وشك الانجراف إلى حرب أهلية لن تبقي ولن تذر واحدة.

ومن يظن أننا من خلال الضغوط الإعلامية الخارجية أو الدبلوماسية سنفرط في الأمن والاستقرار وسنترك هؤلاء الإرهابيين ينسفون أمننا، فهو لا يعرف بلادنا ولا تاريخها مع هذا النوع من الابتزازات الرخيصة.

عد إلى تاريخنا مع دولة الملالي في إيران، ومحاولاتهم منذ ثلث قرن النفاذ إلى الداخل السعودي من خلال ادعائهم الكاذب والمغرض مناصرة الطائفة الشيعية وفشلهم المتكرر مرات ومرات، تعرف أن المملكة لا يمكن أن تفرط بأمنها ولن تحيد عن موقفها هذا قيد أنملة.

وهنا لا بد من القول إن من لا يقرأ تاريخ غيره برويّة وعمق ويتعظ ويستفيد منه سيكرر أخطاء من سبقوه.. آخرون غير هذا المتهم سلموا أنفسهم لملالي إيران وتقووا بهم واتخذت منهم مخلب قط لها للنفاذ من خلالهم إلى بلادنا، وفي النهاية عادوا إلينا بخفي حنين. والعاقل من اتعظ بغيره.

إلى اللقاء.

مقالات أخرى للكاتب