22-10-2014

بعض العناق إطباق على الفراغ

«في أحايين كثيرة نجد أننا مسكونون بأشياء شاسعة نعرفها كما تعرفنا تماماً لكننا لا نفهمها، نحسها مثل نبضنا لكننا لا نستطيع أن نجعلها ملء قبضتنا، نحملها بكل شساعتها ونمتلئ بها، بيد أننا عندما نعانقها لا نطبق على غير الفراغ» آسية الخسيري - مترجمة من تونس المعرفة والفهم, الإحساس والامتلاك أو السيطرة مع عدم الاكتمال, الامتلاء بالفراغ, وأشياء أخرى نخرج بها من هذا النص للمترجمة التونسية.

كل شخص يخرج بخلاصة تتفق ووعيه أو وضعه حال قراءته لهذا النص وأي نص آخر، المهم أن نخرج في النهاية بفائدة نحاول استيعابها ملياً.

كثيرون أولئك الأشخاص الذين نعرفهم، نقابلهم في العمل، في المدرسة، في الشارع، في الاجتماعات الأسرية والعائلية. نعرف ملامحهم، أسماءهم، سماتهم الخارجية في حين لا نفهمهم ولا ينبغي لنا أن نفهمهم؛ لأننا مسكونون بفهم من يعنينا شأنهم فقط وقلما نفهمهم!! ولأنه يعنينا بالدرجة الأولى شأن نفسنا، علينا أن نفهمها.

فهم الآخرين يساعد على تخطي حواجز كثيرة معهم، وعلى المتابعة أو الكف. بينما فهم أنفسنا يجعلنا إما نستمر في ما نحن عليه أو نصحح الهفوات والأخطاء.

تعرف أن الأشجار تنتج ثماراً مختلفة ولا تفهم كيف تنتج شجرة الموز موزاً، وشجرة التفاح تفاحاً، وشجرة البطاطس بطاطسا، فهل ينبغي لك أن تفهم!؟ لماذا، كيف، والعملية بأكملها..!!؟؟ من المستحيل أن نفهم كل ما نعرف لأننا لو حاولنا ذلك ضاقت غرف أذهاننا بنا وانفجرت فضيعنا المعرفة والفهم!! إذاً ليس لي أن أفهم كل هذا الجمع من البشر باستثناء من يعنيني شأنهم وسأستمر في الحياة معهم أو أن احتكاكي بهم يتطلب الفهم الضروري لهم.

لنأتي على الإحساس بالشيء وملء القبضة به، عبارة ثمينة ومتشعبة، كما وأنها عصية على التحقق!. أحس بابني، ابنتي، صديقتي، أخي، زوجي، والدتي، ولا أستطيع ملء قبضتي بإحساسي جميعه.. أو ملء القبضة بهم كي أتعامل معهم على خطى هذا الإحساس. الإحساس عاطفة، وهو شعور وقلق وخوف، ويأتي ألم. أحس بك، بحبك لي، بخوفك مني أو من المجهول، بأمر قد يحدث لي أو لك، ولكنه إحساس قاصر لا يخولني للعمل والتصرف وفقه وحمايتك. قلماً يكتمل الإحساس، أي إحساس، ونادراً ما نقبل بعدم اكتماله، والأصعب أن أحس بشيء وأجهل كنهه!!. طبيعي أنك إذا أحسيت بالجوع لجأت إلى المطبخ أو المطعم، وطبيعي أن لا تلبي لجوعك احتياجه لفقر مطبخك وظروف أخرى لا تأهلك لتلبية إحساسك. الإحساس مادي ومعنوي.. سلبي وإيجابي.. خبيث وطيب.. لكننا كثيراً ما نفشل في ملء قبضتنا به فنحقق ما قد أحسسنا به، أو نتجنبه إن كان خطراً.

ينتابني إحساس أن زميلتي كاذبة في حديثها معي ولا أستطيع التحقق من كذبها أو ملء ذهني بكذبها، وتجد لديك إحساس قوي أن مكروهاً سيقع غداً أو خلال أيام وتصاب بخيبة أمل عندما تعجز عن التثبت من الإحساس قبل الوقوع. يلجأ بعض البشر إلى وسائل مثل قراءة الكف والفنجان والودع وأغلب الوسائل المعرفية طمعاً في تتبع موضع قدم الإحساس لديهم فإذا قرأ فنجانهم أخبرتهم العرافة أن لا قدم مشت في فنجانهم أصلاً...!! وما أصعب الإطباق على الفراغ..!!

الهواء تعشقه، لا تستغني عنه، باستمرار تملأ به رئتيك، لا تستطيع أن توقف رئتيك عن الامتلاء به، فهل جربت أن تطبق عليه بذراعيك..!! ستشعر وقتها أنك أطبقت على فراغ. ماذا عن الذي يحس للحظة أنه امتلأ بصديقه وتعبأ منه فإذا حدث موقف بينهما اكتشف أن ما بينهما فراغ في فراغ!!. الفراغ متعب من ذلك فراغ المكان، فراغ الزمان، فراغ الروح، وقد لمست فينا نحن العرب عشق الأمكنة الفارغة أو ترك أمكنة منازلنا فارغة أو شبه فارغة في حين يحرص الغرب على الاستفادة من كل فراغ في منزلهم. دققي في تسريحة غرفة نومك، كيف وضعتِ أدوات زينتك ومكياجك عليها، هل نشرتِها؟ أو حصرتِها في جهة واحدة؟ ثم اسألي نفسك لماذا فعلت ذلك.!!؟ هل استفدت من الفراغ المتروك بعد حصرها في جهة واحدة.. وبماذا تحسين وأنت تلجئين إلى هذا التصرف؟ والمتعب خادمتي كلما دخلت كي ترتب غرفتي حشرت الأدوات في زاوية واحدة وخرجت تاركة مساحة على التسريحة فارغة ولم أفهم لماذا تفعل هذا الشيء وهل كل الخادمات كذلك يشدهن الفراغ الفارغ!؟.

bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443

Twitter: @HudALMoajil

مقالات أخرى للكاتب